ماذا بعد سقوط " باخموت " الأوكرانية في دونيتسك - الدونباسية و عودتها لإسمها الروسي أرتيومسك بعد تحريرها من قبل قوات " فاغنر " الروسية الأمنية الخاصة وقرب تسليمها للجيش الروسي في الأول من حزيران 2023 ؟، أما آن الأوان لكييف ومعها الغرب لقبول سلام الأمر الواقع مع الجانب الروسي المحرك لعمليته الروسية العسكرية الخاصة الإستباقية الدفاعية التحريرية بعد الإرتكاز على المادة القانونية من مواد الأمم المتحدة رقم 517 التي تخول للدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها ؟! .
نعم قولا وفعلا لقد أصبحت الأقاليم الخمسة الأوكرانية ( القرم، ودونيتسك و لوغانسك " الدونباس " ، و زباروجا ، و خيرسون ) روسية السيادة والى الأبد، و السبب العريض هو خسران " كييف " لمؤامرة الثورات البرتقالية و لنتيجة انقلاب " كييف " الدموي غير الشرعي قبل و أثناء و بعد عام 2014 ، و للحوار المباشر مع موسكو وعبر اتفاقية ( النورماندي – مينسك 1+2) ، و للمراهنة على إسناد الغرب الأمريكي لها عسكريا و ماليا و بحجم وصل الى أكثر من 150 مليار دولار ، ومن دون التمكن من الوصول الى نتائج ميدانية حقيقية على أرض المعركة، وحقائق تاريخية سيادية تسجلها روسيا وسط الاراضي الاوكرانية السابقة لصالحها ، و الأدهى من ذلك هو اعتقاد الطرف الأوكراني الغربي بأن نصرهم و الغرب طال إنتظاره ، و بأنهم استطاعوا الصمود أكثر من عام منذ اندلاع العملية العسكرية الروسية الخاصة بتاريخ 24 شباط 2024 أمام جيش مثل الروسي يعتبرونه الثاني عالميا من حيث القوة ، و هو اسلوب دعائي بطبيعة الحال ، بينما هو الجيش الروسي و البحرية الروسية ، و قدراته النووية و الفضائية هي الأولى في العالم ، و تمتلك أسلحة صاروخية متطورة حاملة للرؤوس النووية عند الحاجة مثل " كنجال" و غيره ، فلماذا هو التصعيد الغربي خاصة الأمريكي على أشده هذه الأيام و على مستوى الشروع بتزويد " كييف " بطائرات F16 الممكن حسب اعتقادهم احداث فرق في أرض المعركة؟ .
ولقد سبق لبريطانيا محاولة إرسال أسلحة نووية محدودة القوة لكييف أيضا، و لم يثبت إرسالها لاحقا، و تحرشات أوكرانية عسكرية على مستوى إرسال الجنود و المرتزقة لإختراق القرى و المدن الحدودية مثل "بيلغاراد" بهدف الحاق الضرر بالسكان الروس الآمنين، و لإثارتهم على نظامهم السياسي الروسي في موسكو ، وهو محض سراب وخديعة لهم أولاً ، و الجانب الروسي يعي ذلك جيدًا .
والتصعيد الغربي – الأمريكي محتاج لتفسيرات أكثر ، فهل مشكلة الغرب تكمن في تبيان سيادة أوكرانيا فعلاً من ( العدوان و الإحتلال الروسي ) لأوكرانيا ؟!، و أين كان الغرب عندما كان الحوار الروسي – الأوكراني في بداياته الصحيحة بداية مباشرة وعبر اتفاقية " مينسك " ؟، ولماذا أعاق الحوار و ضغط بإتجاه استبداله بالحرب و الإستنزاف و العقوبات و الدفع بمزيد من المال الأسود و السلاح الحديث نوعا وغير النافع على الأرض رغم تدريب الجيش الأوكراني عليه في المانيا وبولندا وأمريكا وفرنسا؟، وبحث غربي عن ديمومة الحرب الباردة وسباق التسلح ايضا، ألا يعرف الغرب أن سيادة أوكرانيا تم التصويت عليها في القرم و في أقاليم " الدونباس " و بنسب مئوية مرتفعة لصالح الإنضمام لروسيا الإتحادية و ليس لصالح " كييف " و عواصم الغرب؟، و بأن العملية العسكرية الروسية الخاصة جاءت حامية لصناديق الإقتراع و لسكان الأقاليم الخمسة و لسيادة روسيا التي استهدفها الغرب الأمريكي عبر قراره بحرق أوكرانيا و تحويلها - لهولوكوست - جديدة ، بينما عيونه محدقة بضرورة التخلص من روسيا العظمى الناهضة عسكريا و اقتصاديا و سياسيا و ثقافيا و على مستوى القانون الدولي، وعمل الغرب مجتمعا في المقابل على تعمد اختراق كبريات المؤسسات القانونية في العالم لتشويه صورة روسيا ، ومثلي هنا اختراق " الأمم المتحدة ، و حقوق الأنسان ، و مجلس الأمن ، و قمة العشرين ، والمحكمة الدولية ، و محكمة الجنايات الكبرى ، ومجموعة البريكس " ، وعيون الغرب لا تنام ما دامت روسيا ناهضة قوية لا تهاب الحروب وتبحث عن السلام ذات الوقت .
روسيا ماضية الى الأمام و بالهدوء الذي يسبق العاصفة لتحقيق أهداف عمليتها العسكرية التحريرية الدفاعية عبر اجتثاث التيار البنديري المتطرف المساند لنظام "كييف" السياسي المتطرف أيضا، و المرتكز على أكتافه من قبل الغرب الأكثر تطرفا و مكرا و ادعاءا بالحرص على سيادة أوكرانيا و نعت روسيا بالإحتلال و العدوانية في المقابل ، ومن يعرف تاريخ روسيا المعاصر و القديم يقر بأنها ليست كذلك ، فلم يشهد التاريخ أنها بدأت حربا سواء كانت كبيرة مثل الحربين العالميتين الأولى و الثانية، أو صغيرة مثل أفغانستان و القفقاسية، وهي أي روسيا قوة رادعة لا هجومية ، و اختراعها في الزمن السوفيتي للقنبلة النووية جاء ردا على اختراع الغرب الأمريكي لها ، و بالمقارنة مع الغرب فإنها ، أي روسيا ومعها السوفييت لم يستخدموها منذ اختراعها عام 1949 بعكس الأميركان الذين هاجموا فيها اليابان عام 1945 في واقعتي "هيروشيما و ناكازاكي" و التسبب في مقتل و تشويه أكثر من 200 الف مواطن ياباني ، ومع هذا وذاك نلاحظ أن اليابان تقف الى جانب الغرب في حربه الهوجاء ضد روسيا بالوكالة عبر الأراضي الأوكرانية ، ومعا يحركون المياه الراكده الأوكرانية لتصبح ساخنة و لتتحول لوحل تغرق فيه أوكرانيا و روسيا معا، لكن هيهات ، فها هي روسيا باقية قوية صامدة على كافة المستويات الإقتصادية والعسكرية ، و تمكنت من تحقيق مستوى عالٍ من النصر في زمن يشاغب عليها الغرب و يشاكسها عن بعد خوفا من الإصطدام معها مباشرة لمعرفته بقوتها غير العادية مسبقا ، و روسيا بالمناسبة تحرك عملية عسكرية و لم تعلن حربا بعد ، و تستخدم سلاحها تدريجيا حسب قوة وهج المعركة ، وما لديها من سلاح حديث و شاهدنا فقرات منه في احتفالية عيد النصر على النازية الألمانية 9 أيار 2023 لم تستخدهم روسيا حتى الساعة في ميدان الدونباس .
وتصريح جديد بتاريخ 26 أيار 2023 لدميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن القومي الرئيس الروسي السابق ذكر فيه بأن الحرب الأوكرانية قد تستمر لعشرات السنين و تشهد فترات طويلة من القتال تتخللها هدنات في ظل بقاء سلطة " كييف " الحالية المتطرفة ، و بناء عليه ، فإن ( موسكو) تتمسك بموقفها التحريري للقرم و للدونباس ، و ( كييف ) باقية عند موقفها بضرورة تحرير ( القرم و الدونباس) ، و الغرب متشدد في موقفه الداعم لسيادة " كييف " على ( القرم و الدونباس) ، و المحكمة الدولية بلا سلطة قانونية حقيقية وموقفها المساند لـ " كييف " لم يفعل على الأرض ، و في مجلس الأمن تحالف روسي – صيني حول الموقف الواحد رغم مبادرة الصين من 12 نقطة دعت من خلالها للسلام و لإحترام السيادة و لتطبيق القانون الدولي، و لحماية أسير الحرب و حياة المواطنين المسالمين ، وهي المبادرة التي أفشلتها " واشنطن " في مهدها بسبب اعتقادها بإنحياز الصين لروسيا فيما وافقت " كييف " جزئيا على المبادرة الصينية التي تدعو للمحافظة على سيادة كل دولة ، و تبقى الصين وسيطا متعاطفا مع الموقف الروسي ومتفهما له، ومنحازا للسلام ووقف الحرب فورا ، ولا مخرج آمن باتجاه السلام الا عبر الحوار ولجنة تقصي حقائق دولية محايدة تظهر حقيقة من بدأ الحرب، ومن تسبب بجريمة حرب في الدونباس وحولها .