الأردن بلد طموح، يتطلع للتقدم والتطور السريع واللحاق بركب البشرية المتقدمة، ومن حقه أن يفكر بمشاريع كبرى تحقق نقله في نوعية الحياة الاقتصادية والاجتماعية، خاصة إذا كان قد فرغ من تنفيـذ المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
من هذا المنطلق يتم طرح مشـاريع كبرى مثل قناة البحرين، المفاعلات الذرية، استخراج وتخصيب اليورانيوم، شبكة السكك الحديدية، الصخر الزيتي، القطار الخفيف والتردد السريع، وأخيراً برنامج إنمائي يكلف 6 مليارات من الدنانير خلال ثلاث سنوات قادمة.
كل هذه المشاريع مرغوب فيها ومفيـدة، ومن شأنها تحقيق نمو اقتصادي واجتماعي متسارع وخلق فرص عمل متميزة، ويتمنى جميع المخلصين أن ترى النور في أقرب وقت. المشكلة لا تكمن فيما إذا كانت هذه المشروعات مفيدة أم لا، بل في صعوبة التمويل وخطورته.
ينـوء كاهل الخزينة حالياً بديون تتجه نحو السقف المسموح به إن لم تكن قد تجاوزته، فلا مجال للمزيد من الاقتراض لأننا بذلك نعرض للخطر ليس تلك المشاريع المسـتقبلية فقط، بل مشاريعنا وأوضاعنا الراهنة واستقرارنا الذي تحقق بشق الأنفس وأثقل التضحيات.
الخزينة لا تستطيع تمويل هذه المشاريع من الموازنة التي تعاني من العجز أصلاً، فالإيرادات المحلية لا تكفي لتغطية نفقـات التشغيل الحكومية أي النفقات الجارية، مما يجعلنا نعتمد كثيراً على المنح الخارجية.
والأمانة للمستقبل لا تسمح للحكومة بكفالـة أرباح المستثمر الخاص، إن وجد، فإذا كان المشروع مجدياً، فلماذا يحتاج المستثمر لضمان تغطية الخسائر وكفالـة الأرباح. المطلوب مشروعات تشكل روافد للاقتصاد الوطني والخزينة، وليس أعباء اقتصادية إضافية ومصدر إنفاق دائم.
ليس من واجب وزارة النقل أن تدافع عن مشروع شبكة السكك الحديدية ظالماً أو مظلوماً، وليس من واجب هيئة الطاقة الذرية أن تدافع عن بناء المفاعلات النووية ، وليس من واجب وزارة التخطيط أن تدافع عن برنامج إنمائي طموح بناء على افتراضات. واجب الجميع أن يتأكدوا من عدم التورط في مشروع غير مجدٍ اقتصادياً، أو من شأنه أن يخلق مديونية إضافية أو يرتب التزامات مالية مستقبلية.
وقف مشروع خاسر لا يقل أهمية عن تنفيذ مشروع ناجح، وعلينا أن نكون موضوعيين وعمليين، فمن حقنا أن نحلم ولكن تحويل الحلم إلى واقع يتطلب أن نستيقظ.
(الرأي)