في لحظة راحة او ان شئت سمها ضعف في الرقابة والادارة, في مركز صحي جنوب المملكة, تطير الاخبار عن ضعف الخدمات الصحية في الاردن, وينتشر فيديو كما النار في الهشيم عن غياب الكوادر واستهتار الموظفين, الفيديو مدته اقل من دقيقة, هو مسافة وصول الموظفين من الطابق الثاني الى الطابق الاول فقط لاستقبال السائحة وبدء علاجها, طبعا السائحة وصلت في الصباح قبل الثامنة صباحا, والمركز يعمل 24 ساعة, اي ان عدم وجود كوادر داخل المركز هو كارثة حقيقية, لكن وجودهم في الطابق الثاني ليس كارثة كما نقل الفيديو, واللافت ان مركز طرفي مرتب ونظيف لم يلفت نظر احد من المعلقين او صاحب الفيديو الذي لم ينتظر نزول الموظفين الى طابق الاستقبال.

هذه قصة من قصص كثيرة منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت سلاحا مضادا وليس سلاحا كاشفا للخلل, فكل شخص يحمل هاتفا بات قادرا على النشر دون تمحيص, وكل حامل للهاتف بات قادرا على بث شكواه على الاذاعات التي تتلقف الاتصالات في برامجها الصباحية لنثر الكآبة وايضا دون تدقيق, فالمهم عدد اللايكات وعدد المكررين للنشر, دون تفكير في الاعراض الجانبية السلبية, فالسياحة اليوم تعيش اوج نجاحها, والقطاع الصحي يعيش حالة نشوة على مسار السياحة العلاجية.

الغريب ان احدا ممن تلقى خدمة لا يتصدر للرد على اصحاب هذه الرؤيا السلبية, التي تستقصد التشهير وليس النقد الايجابي, وكوني احد الذين قادتهم اللحظة المرضية الطارئة الى مستشفى حمزة, فانه واجب ان اقول ما رأيت, وانا اتمتع بتأمين صحي خاص يؤهلني لمراجعة كل المستشفيات الخاصة في الاردن دون استثناء, وفي درجة خاصة, وشهادة حق, فإن الكادر الطبي يتمتع بكفاءة هائلة, فالتشخيص كان بنفس دقة الحالة التي شخصها امهر اطباء القطاع الخاص, والخدمات كانت معقولة جدا بالقياس لحجم المراجعين, ويكفي ان اقول ان عدد الصور التي يقوم بها الفني على جهاز التصوير الطبقي في مستشفى حمزة هي 60 صورة, مع العلم ان العدد المنطقي كما افادني فني الاشعة في احد المستشفيات الخاصة هو 15, وتتم بكفاءة وخدمة طبية ممتازة.

صحيح ان المناظر المزدحمة للمراجعين تقول بضرورة تطوير الجهاز الاداري وحوسبة الاجراءات, لكن الخدمة الطبية وهي الاساس مميزة, ولم اسمع وانا انتظر دوري اية ملاحظة على الاطباء, بل كانت الشكوى من وقت الانتظار الطويل للصورة وللكشف, وهذا مفهوم ومتفهم, نظرا لحجم المراجعين, وهذا ليس كل شيء، فثمة عمليات نوعية تقوم بها وزارة الصحة في مستشفياتها وفي حمزة ايضا – هو مستشفى يتمتع باستقلالية خاصة – ملفتة وتفتح شهية الخصوم كما تثلج صدور المواطنيين, فعمليات زراعة الكلى مثلا حققت نجاحا بنسبة 96% علما بان النسبة العالمية هي 94% وبكلفة صفر على المواطن, ناهيك عن عمليات القسطرة والقلب المفتوج وسائر العمليات الاخرى, التي لا تسجل اي حالة انتظار, فالانتظار على العمليات الدقيقة, بحكم نقص اطباء الاختصاص.

القطاع الصحي الحكومي وكذلك العسكري, يعاني من ضغط هائل على بنيته وكوادره, لكنه رغم هذا الضغط يقدم خدمة طبية مميزة, تستأهل الدعم والثناء, وتستحق الوقوف معها, وهي تتعرض لحملة مدروسة ومدعومة من تجار الطب ومحترفي استثمار اوجاع الناس, ويكفي ان اقول ان اجرة طبيب اطفال لاجراء تنظير بسيط بلغت 800 دينار خلال اقل من ساعة, فهل المطلوب الانحياز للتجار ام لتطوير الخدمات الادارية واللوجستية في قطاعنا العام الصحي سواء العسكري ام الحكومي, سؤال مفتوح؟

omarkallab@yahoo.com

الرأي