يوسف الغزو من الكتاب الأردنيين المعروفين ،فهو أديب مشهور في الوسط الثقافي الاردني والعربي ، ويعد من الجيل الأول جيل السبعينيات ،كاتب سيناريو وله عشرات الاعمال الإذاعية والتلفزيونية ، والكثير من المؤلفات قصص وروايات.
يوسف الغزو قاص بإمتياز ، له باع طويل بالقصة التقليدية ، ويتقن القصة الحديثة ايضا ، وأما أسلوبه القصصي، فهو أسلوب سلس ممتع ، وله طابع خاص بالتوصيف في قصصه التي تفوح منها رائحة البيئة الأردنية
في قصة القارب التي كتبها قديما مازالت هذه القصة حاضرة ، وكأنها كتبت قبل فترة قصيرة نظرا للمعاني والدلالات التي تضمنتها هذه القصة الجميلة ، فهي تتحدث عن أشخاص خمسة ، غرق قاربهم ونجوا من الغرق وقذفهم الموج الى شواطئ بعيدة حيث هناك جزيرة معزولة ، وهناك كانت الكارثة التي واجهت هؤلاء الرجال الذين أصبحوا معزولين عن العالم، تشبث الرجال بالأمل والرجاء ، فقد قرروا أن يبنوا قاربا من الألواح الخشبية التي نتجت من حطام سفينتهم الغارقة ،وتعاهد الرجال على الوفاء والاخلاص في عمل قارب صغير يحملهم الى جهة آمنة.
ولكن الرجال الذين عقدوا العزم في عمل قارب جديد ،،تبخرت أمالهم وشعروا بالخيبة والإحباط، نتيجة عدم تقديرهم الموقف ،حيث لم يستطيعوا استعمال الفأس للعمل من اجل تقطيع الشجر الذي قريب من الشاطئ ،فقد كان أحدهم طبيبا وهو الاول حيث اعتذر عن حمل الفأس والعمل به ،فهو طبيب ولم يمارس هذا العمل طوال حياته ،وقال: أنا أقوم بالاشراف فقط على صحتكم في هذه المحنة ، وأما الثاني فاعتذر أيضا وقال أنا موسيقي ومعروف عملي يتعلق بالموسيقى ولا استطيع عمل شيء سوى الموسيقى ومسك العود الذي صنع من الخشب.
وأما الثالث فقد اعتذر عن المشاركة في صنع القارب وقال أنا صحفي ولا استطيع المشاركة لأنني صحفي ولي علاقات مع الكلمة والقلم والتحرير وأشياء تتعلق بمهنتي بالورق والأخبار ،، وهنا بقي الشخص الرابع، فتحدث أنه لا يستطيع عمل القارب لأنه عالم وله مختبرات علمية ،ولا يقدر على حمل الفاس والشغل في صناعة القارب ، ثم سكت الجميع وأخذوا يفكرون من ينقضهم ،،من هذه الأزمة والورطة والضياع ،وهم كذلك تذكروا صديقهم الخامس فلم يكن موجودا معهم وهو يتحاورون حول صناعة القارب ،كلهم إنتبهوا فجأة ألى غياب صديقهم الخامس اين صديقنا الخامس ؟؟!، نظروا خلفهم وإذ هو يحمل شجرة كبيرة ويقترب منهم بعد أن قرر إنقاذ أصدقائه ، وهنا فرحوا فرحا شديدا فالقارب وصل.
نستنتج من هذه القصة أشياء كثيرة من الحياة ، ونستلهم منها التمسك بالحياة والتشبث بالأمل والعزم والتصميم ،والمقاومة ، فاليأس من علامات وإشارات الفشل والنكوص ،والاحباط ،فهؤلاء الرجال ،فشل أربعتهم فشلا ذريعا ،،نظرا لعدم التضحية وترويض أرادتهم والعمل المشترك كفريق واحد ،لانقاذ حياتهم ،فلولا صديقهم الخامس لكان تقطعت بهم السبل في لجة البحر ، ولكن واحد منهم يملك بعد النظر والعزم والاحساس بالمسؤولية قام بدون حوار معهم وعمل بصمت ،عندما احضر الشجرة وعمل على تقطيعها بالفأس كي يصنع منها القارب للنجاة
يوسف الغزو أراد أن يقول لنا لا يأس مع الحياة ،وأن العلم والمهن الأخرى ليست كل شيء في الحياة طالما الإنسان يواجه مصيره ويتعرض لخطر الغرق أو أي خطر آخر ، فالطبيب في عيادته يمارس مهنته مع مرضاه ، والموسيقي والصحافي وغيرهم ولكن لم يقل لنا يوسف الغزو في قصته ماهي مهنة الرجل الخامس الذي احضر الشجرة ؟؟
فكلهم ذكر مهنهم ووظائفهم ولكن لم يذكر مهنة من احضر الشجرة.
وفي الختام ،،يوسف الغزو لغته ثرية وأسلوبه شيق وقصصه جميلة وأفكاره مأخوذة من الواقع المحلي حيث الأرض والزراعة والاغوار ، والحوادث التاريخية ،والصراع مابين الخير والشر ،والحق والباطل ،والنجاح والفشل ، وهو بارع في الوصف والتصوير في قصصه ، ويميل إلى الكلمات الشاعرية الأنيقة في كتاباته .