الحريات الفردية والمساءلة الاجتماعية: بين العقل والعقد الاجتماعيين
م. مصطفى أبو داري
27-05-2023 12:39 AM
بدايةً لنعرف القانون فالقانون هو نظام من القواعد واللوائح التي تنظم سلوك الأفراد والمؤسسات في المجتمع. ويتم إنشاء هذا النظام من قبل الحكومات والمؤسسات القانونية الأخرى بناءً على العقود الاجتماعية التي يتم التوصل إليها بين أفراد المجتمع.
ويمكن اعتبار القانون جزءًا لا يتجزأ من العقد الاجتماعي الذي يربط الأفراد في المجتمع ببعضهم البعض. ففي المجتمعات الديمقراطية، يتم تحديد القوانين واللوائح بشكل ديمقراطي من قبل المواطنين وممثليهم في الحكومة. وبذلك يكون القانون يعكس اتفاقية بين أفراد المجتمع، ويعبر عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بينهم حول السلوكيات المقبولة والغير مقبولة في المجتمع.
ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن العقد الاجتماعي والقانون يتفاعلان مع بعضهما البعض،حيث يتم تحديد العقود الاجتماعية بين أفراد المجتمع لتحديد القيم والمبادئ التي يجب أن ترتكز عليها القواعد واللوائح القانونية، وبالتالي يمكن القول إن القانون يعكس العقد الاجتماعي وينفذ مبادئه وقيمه في المجتمع.
اما العقل الاجتماعي يقصد فيه فرض الوصاية على المجتمع وهنا اقصد فضول الآخرين وتطفلهم وتدخلهم-دون سبب مقنع- في شأن غيرهم من المواطنين الذين يملكون وحدهم حرية تقرير مصيرهم واتخاذ القرارات في كل صغيرة وكبيرة و يشير ايضا إلى وجود سلطة أو جهة تتحكم في حياة الأفراد والمؤسسات في المجتمع وفقاً لما تراه مناسب لها دون الرجوع الى القانون او العقد الاجتماعي وتتدخل في حرياتهم وحقوقهم بشكل مباشر أو غير مباشر. وقد يكون هذا النوع من السلطة متمثلاً في الحكومة أو في الجهات الدينية أو الثقافية أو الاقتصادية أو الأسرية.
وتتمثل أشكال الوصاية على المجتمع في تحديد السلوكيات المقبولة والغير مقبولة، وفرض القيود والتحكم في حريات الأفراد والمؤسسات، وتحديد ما يمكن لهم القيام به وما يجب عليهم تجنبه. وقد يؤدي ذلك إلى تقييد حرية التعبير وحرية الفكر وحرية الاختيار، ويمكن أن يتسبب في انتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية المصانة في العقد الاجتماعي
وبالتالي، يمكن القول إن القانون يساهم في صيانة النظام الاجتماعي وتحقيق العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع، ويعمل كوسيلة لحل الصراعات والنزاعات بين الأفراد والمؤسسات. ومن جهة أخرى، يمكن للعقد الاجتماعي أن يؤثر على تطوير القانون وتحديثه، حيث يتم تحديد القيم والمبادئ الجديدة التي يجب أن تعكسها القوانين واللوائح الجديدة، وبالتالي يتم تطوير النظام القانوني لتلبية احتياجات المجتمع. ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن العقد الاجتماعي والقانون يتفاعلان مع بعضهما البعض في خدمة تحقيق العدالة والمساواة في المجتمع.