في كل مرة عزمت الادارة الامريكية على القيام بعدوان عسكري او باملاء سياسة او مواقف معينة لصالحها او لصالح اسرائيل في المنطقة ، دأبت على تليين مواقفها واطلاق الوعود التي من شأنها دغدغة اوساط فلسطينية وعربية رسمية ....
لا سيما تلك الوعود المتعلقة باقامة دولة فاسطينية مستقلة الى جانب الدولة العبرية ...
وكانت الادارة الامريكية قبل ذلك تؤيد حينا وتتحفظ احيانا ازاء الدعوات الى عقد مؤتمر دولي للسلام الى ان عقد مؤتمر مدريد في العام 1991 م ، اثر العدوان الامريكي – الثلاثيني على العراق الشقيق ....

حيث شاركت بعض الدول العربية بهذا العدوان وامتنع الاردن عن المشاركة فيه بموقف شجاع عروبي حقيقي كلفه الكثير الكثير من التضحيات والخسائر الاقتصادية الموجعة ...
فجاء مؤتمر مدريد تلبية للدعوة الامريكية وفي مضامينه جاء وفقا للشروط الاسرائيلية ...
لذلك اخفق على مختلف المسارات ، ونجح مؤتمر اوسلو السري الذي عقد بموازاته ...

وظلت اسرائيل منذ ذلك الحين ترفض اي دعوة لعقد اي مؤتمر دولي للسلام ، وتتحفظ واشنطن على هكذا دعوات التزاما مطلقا منها بالمواقف الاسرائيلية ...
فوضع ملف عملية السلام في المسار الفلسطيني على الرف وعلاه الغبار اللهم باستثناء مبادرات ونشاطات عربية وامريكية ودولية كانت تقترب منه او تكاد لكن اسرائيل كانت تنجح في وأدها ...

قبيل واثناء الغزو الامريكي – البريطاني للعراق ، اوحى هذا الحلف الثنائي البغيض ان ثمة مبادرة امريكية مدروسة بعناية لتحقيق السلام في المنطقة وكان الرئيس بوش قد وعد باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة في غضون خمس سنوات ، ولكن شارون الذي نعته بوش برجل سلام قد عصف بهذا الوعد ، واعاد احتلال اراضي منطقة الحكم الذاتي "قطاع غزة والضفة الغربية "..

وشن حملة عنصرية ارهابية وحشية ضد الشعب الفلسطيني وضد قوى مقاومته الباسلة ....
وعندما قررت ادارة الرئيس بوش وحكومة اولمرت شن عدوان مدمر على لبنان الشقيق أوحتا للفلسطينيين وللعرب ، ان "السلام في الشرق الاوسط " وشيك وفي متناول اليد ...
وان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وشيك ايضا ...
لكن هذه الوعود ثبت زيفها وثبت كذب اصحابها ...

واليوم وقد عزمت ادارة بوش وحكومة اولمرت على شن حروب عدوانية جديدة في المنطقة قد تكون ضد ايران او ضد سوريا ولبنان، او ضدها جميعا، فان الرئيس بوش كعادته اراد تطمين الرئاسة الفلسطينية والدول العربية بان السلام في الشرق الاوسط وشيك وفي متناول اليد ، وان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وشيك ايضا !!...

فكانت دعوته الاخيرة لعقد مؤتمر دولي للسلام في الخريف المقبل ، مراهنا في ذلك على تجاوب الرئاسة الفلسطينية التي زعزعتها احداث غزة الاخيرة وعلى تجاوب حلفائه في المنطقة العربية الذين يتطلعون من منطلق اخر الى انهاء الصراع مع اسرائيل واعادة السلام والامن والاستقرار وفرص التنمية الشاملة والرخاء الى ربوع المنطقة ....
بمعنى ان الرئيس بوش قد اراد من منطلقه تقديم "طعم مغري" للجانب الفلسطيني والعربي لتأييد حروبه المتوقعة في المنطقة او التزام السكوت ازاءها ،في حين ان الجانب الفلسطيني – العربي قد تجاوب مع هذه الدعوة الامريكية لعقد مؤتمر دولي للسلام من منطلق اخر حرصا على احلال السلام العادل والدائم في المنطقة ...

فيا ترى هل ينعقد مؤتمر دولي للسلام في الخريف المقبل بعد التحفظ الاسرائيلي على عقده ؟!!..
واذا عقد هذا المؤتمر فهل ستحرص حكومة اولمرت الضعيفة المأزومة التي قد تشارك في الحروب الامريكية المتوقعة في المنطقة على انجاحه وتتويج نتائجه باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ؟!!..
سنرى ...انه مجرد تلويح بالجزرة ليس الاَ....