العثامنة يكتب: على هامش العرس وبصراحة
مالك العثامنة
01-01-1970 02:00 AM
ولي العهد، الأمير حسين بن عبدالله، سيتزوج أول الشهر. والمناسبة متميزة بلا شك، فهي تتعلق بولي عهد الملك عبدالله الثاني مما يعني أن الأمير "بالمنطق والضرورة" ملك الأردن القادم.
الأمير شاب رفيع التعليم وبالغ التهذيب ونشاطاته كولي للعهد تعكس شغفا واضحا لديه بالتكنولوجيا واقتصاد المعرفة، والتواصل الفعال مع المواطنين والمؤسسات وكذلك مع الجوار الإقليمي واقتحام ميدان العلاقات الدولية، وهذا جزء حيوي ومهم لتأسيس مشروعه كرأس للدولة، يسعى الملك عبدالله الثاني أن يمهد له بجهد مكثف ومتسارع عبر عمليات الإصلاح السياسي والإداري.
الإصلاح السياسي كما قرأنا من الملك وسمعنا منه وعنه رؤية "حاسمة" لترسيخ دولة المؤسسات والقانون وتداول السلطة ضمن خوارزميات حزبية ستخلق ذاتها قريبا، وقد بدأنا التجربة فعلا.
الإصلاح الإداري يعني ترشيق القطاع العام لا بالحجم وحسب، بل بالحركة وهذا مشروع ضخم يتطلب تشريعات وقوانين وإعادة هيكلة وتوصيف لكل قطاعات الدولة العام منها والخاص لتجنب كلف باهظة في هدر الموارد البشرية خارج الوظيفة "وهذا حتمي" واستثمار الكفاءات "بعد تأهيلها المعرفي" في ما تحتاجه الدولة فعلاً.
كلا الإصلاحين، السياسي والإداري قرار أردني ذاتي ومدعوم من رأس الدولة "الملك" وهو ما يعني مبدئيا نجاح الأردن في "مشروع" تحقيق ربيعه بدون أن يدفع كلف ما تم تسميته بالربيع العربي الذي تجاوزه منذ سنوات بوعي جمعي استثنائي رغم الظروف الصعبة. وهو استحقاق الضرورة في دولة دخلت مئويتها الثانية محاطة بمحيط ملتهب.
هذا الربيع العربي الذي قام على مطالبات شعبية بسيادة القانون وتحقيق الكرامة الإنسانية، في دول مجاورة كانت قد وصلت المهازل فيها مداها وحدودها القصوى في القرن الواحد والعشرين وفي حقبة الثورة المعرفية التكنولوجية وصارت مثار سخرية وتهكم تحول بالتراكم إلى غضب وقهر كسرت أصنام التأليه والتمجيد، لكنها أيضا أدخلت الشعوب في متاهات الفوضى الدموية في كثير من الحالات حتى اليوم.
من هنا، وعودا على بدء:
فإن حفل زفاف الأمير ، يجب ان يتماهى مع مفاهيم الإصلاح السياسي والإداري قيد التنفيذ، ولا خير فينا إن لم نقلها ويسمعها الجميع بلا استثناء، أن الإرباك في الشوارع الرئيسة "المختنقة أصلا بدون مناسبات" وتلك الانتفاضة "البنيوية" التي استيقظت فجأة لتأهيل البنية التحتية في وقت قياسي وبكفاءة لم نرها منذ زمن طويل، لتكون على أفضل حال في أماكن محدودة جدا، كان يمكن أن تكون عملا يوميا روتينيا ضمن واجبات تلك المؤسسات وحقاً مكتسباً لا يحتاج مطالبة لمواطنين يتمتعون بكرامتهم في دولة المؤسسات والقانون، وفي شوارع أخرى لا في العاصمة وحسب بل في كل أنحاء المملكة.
الأخبار "المقلقة" عن ابتهاجات متزلفة مثل قرار أستاذ جامعي رفع علامات طلابه احتفالا بالمناسبة لا تحيلنا إلا إلى ما كنا نسخر منه في دول الجوار، والأولى أن تتم محاسبة مثل هذا التصرف لأنه مخالف لأبسط مفاهيم العدالة ولكل الأعراف الجامعية غير مخالفته للتعليمات والقوانين التي يعمل الإصلاحين السياسي والإداري لتترسخ فينا وبنا دولة القانون.
والمقالات المدبوجة بإنشائيات المبالغة لا تخدم ولي العهد الشاب، وهو في غنى عنها أساسا وقد برز نشاطه في كل المستويات أميرا مؤهلا بالمعرفة ومعروفا بلطف أخلاقه، وهذا لا يفيد منظومة إعلامية مرهقة أصلاً بلزوميات ما لايلزم، وتحاول ان تجد مخرجا آمنا لها بين ثنايا الإصلاح ومنعطفاته.
كما أن المظاهر الاحتفالية التي توظف المؤسسات الثقافية والفنية للدولة وخارج تنظيم حفل العرس نفسه والتي رأينا منها مقتطفات فيديو على شكل بروفات يتم حشد شباب وصبايا يتدربون على "الفرح" ليس فكرة حكيمة بالمطلق.
حفل العرس، هو لولي العهد وأمير ابن ملك وحفيد ملك، مما يعني احتفالا مميزا ومتميزا يعكس ما يقدمه الأمير الشاب كولي عهد كامل الأهلية، ويتماهى مع معنى "الدولة" الحقيقي الذي قرأناه في أوراق الملك النقاشية بالتحديد.