ما اجمل الشعب حين يفرح بأعياده الوطنية، وما أجمل المناسبات حين تمتزج بذكرى عيد الاستقلال وذكرى تحرير الأرض من شرور الاحتلال البغيض.
تلك هي حال الأردن التي يحتفل شعبها المخلص في حبها بالداخل والخارج، احبوها كما أحبتهم.
من فضائل رب العباد على هذا الوطن، ان حبانا قيادة هاشمية حكيمة تجلت في صاحب الجلالة الهاشمية، الذي قاد سفينتنا الى بر الأمان وسط ظروف لا تزال جاثمة على عديد من الدول والشعوب، بل وسعت دوماً الى رأب الصدع بين أطراف كل النزاعات في وطننا العربي.
تفرض علينا أعيادنا ان نفرح بالوطن بكل القلوب المخلصة في حبه ونرفع الأعلام في سباق بأطوالها، ونغني بكل الحناجر والرقصات، فالفرح بأفراح الوطن واجب، لكن يبقى الأهم في هذا كله هو الإخلاص الحقيقي النابع من الضمائر المخلصة التي تبكي على وطنها حين يبكي وتفرح حين يفرح، وسعادة المجتمعات مطلب العقلاء الذين ينظرون للحياة من زاويا مختلفة، يرون أن فرح الشعوب إيذانٌ بشيوع الفرح ودحر الكراهية والحقد والحسد والنقمة وحب الانتقام والاعتداء بسببٍ أو بلا سبب، ما يؤدي إلى القتل وتدمير البلدان، وانتشار الفوضى ورذائل الأمور فيها.
كما أن سعادة البشر ومشاركة الأفراح هي السبيل الوحيد لتعايشهم، بل إنها المكسب الذي ينافحون ويكافحون ويدافعون من أجله، ليبقى ما بقوا.
ثلة من الناس في بعض المجتمعات لا يحبون شيوع الفرح إما لأسبابٍ اقتصادية وإما لأسبابٍ أيديولوجية توارثوها بعد أن أخطأ سابقوهم في فهمها وساروا على خطاهم خاطئين.
يحتجون فيرددون الآية: "لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين" ولم يعلموا أن المعنى لا علاقة له بالأفراح والسعادة، ولم يقولوا هذا قول قوم قارون له، بل يقولون: هذه آية في كتاب الله ومن كلامه سبحانه عمّا يدّعون.
أعداء الفرح هؤلاء يحقّرون الحياة كاملةً ويرون أنها مجرد ممرّ سريع للبشر لا يجب الاهتمام به، متوقفون عن البناء وعن الإسهام في خدمة البشرية حسب استطاعتهم، هم مستهلكون فقط، إذا مرضوا هرعوا للطبيب الذي لا يرونه منهم، وإذا احتاجوا شيئاً أحلّوه بعد أن يحرّموه ويكفّروا صاحبه أو أصحابه كلهم، حتى فطنوا أنهم في ذيل قائمة الشعوب، وما زال كثيرٌ منهم على ذلك إلى يومنا هذا.
لا يدرون أن السعادة في الحياة أمر ضروري لاستمرار الأمن والأمان والسلم والسلام الذي يكفل للأجيال حياة هنيئة في ودٍّ وتوادٍّ ومحبة واطمئنان، بل إن شيوع السعادة بين المجتمعات يزيد من تلاحمها وحرصها على البقاء في حال حسنة، ويكبح جماح أولئك الشذّاذ الذين يسعون للهدم والتدمير والقتل والكراهية.
إن مجرد تفكير الحكومات في خلق السعادة بين شعوبها، هي فكرةٌ خلاقةٌ تستصلح الإنسان وتهتم ببنائه وتبعده عن البهائمية التي كان يعيشها الصعاليك الذين يعيشون على موت الآخرين ولا يأبهون بحياتهم ولا حياة غيرهم.
قبل سبع وسبعين عاما كان الأردن تحت الحماية البريطانية، احتلال دنس ترابها وسعى لطمس هويتها، ولكنها عادت كما عرفها الشرفاء دار أمن ورخاء ومحبة للجميع، وها نحن نعيش اليوم فرحين لا يفصل أحدهما عن الآخر إلا ساعات، فلله الحمد والثناء على ذلك ولعلها البلاد الوحيدة في وقتنا هذا التي تحتفل بعيدين متلازمين على امتداد التاريخ.
خلق السعادة هدف العقلاء، وخنق الفرح رغبة لدى الشذاذ الذين لا تعنيهم الحياة بل يرونها تافهة حقيرة لا تستدعي منهم بذل جهد لنفع البشرية في أي مجال من المجالات.
لنفرح بالحسين، ونفرح لأبي الحسين، ولنفرح لأم الحسين وأخوات الحسين، فكم كانوا أسباب فرحٍ لنا وللأردن، ولتكن مسيرات الفرح التي تطوف الوطن، بواديه ومخيماته، ممزوجة بالزغاريد والأهازيج والدبكات الشعبية، وليبقى الأردن مزدهراً.
نفرح ونسعد بفرح الحسين وليكن الفرح في كل بيت اردني، فالحسين منا ونحن من الحسين، والعلاقة التي تربطنا بقيادتنا علاقة مميزة وفريدة وتمثل الأنموذج الفريد للتشارك والمحبة والانسجام نفرح معا ونتشارك المسرات والأفراح معا.
فرح الأعياد تفرض على كل مواطن أن يتدبر واجبه نحو وطنه ومجتمعه وقت الفرح، فالأعياد تنتهي مع زمن المناسبة، ويبقى الأردن.