عادة ما تُشكل حكايا الجدات، أول صورة في خيالنا عن الأمراء والملوك وعوالمهم، وهذه الحكايا لا يغيب عنها الطابع الأسطوري سواء تحدثت عن جوانب الخير أو الشر لتلك الشخصيات، فهي تصف عالما منغلقا على نفسه وشبه مجهول، ولا يُعرف عنه سوى القليل، وهذا ما يسمح بأن تصبح قصص ما قبل النوم وشخصياتها طيّعة أمام الخيال والحذف والإضافة، بهدف جعلها أكثر تسلية وإثارة.
وهذا الأمر ليس غريبا، فكتب التاريخ تحدثنا عن الهالة المقدسة التي حاول كثيرون إحاطة أنفسهم بها، وممارسة السلطة الاعتباطية للحكم المطلق. وبوجهة نظري قد يكون هذا عاملا أدى إلى أن تصبح عجائب وغرائب الحكايا الشعبية حاجزا يفصل بين الناس وحكامهم في مرحلة ما.
أما بالنسبة لي، فأنا أرى اليوم أنموذجا يخرج عن نص الحكايا وأساطيرها، أرى أنموذجا قريبا من الناس ويشبههم، وينبض بالإنسانية والجمال، أنظر إلى الهاشميين وأجيالهم.
خلال أيام سوف يشهد الأردن عرسا ملكيا، لكنك لوهلة تكاد تشعر أنه عرس أحد أقربائك أو أخلائك، فعندما تراقب الحسين، تشاهد شابا جميل المحيا متواضعا مثقفا رزينا مفعما بالحياة، وفي كل نشاطات الحسين، من زياراته ولقاءاته ومبادراته الخلاّقة وتفاعله عبر منصات التواصل الاجتماعي، يكون هذا الشاب خفيف الظل باسم الثغر قريبا من القلب، مازجا بين هيبة الحضور الملكي والإنسانية الأخاذة، وعند الحدث الهام داخليا وخارجيا، تراه حاضرا باسقا شامخا على يمين صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني، بين قادة وزعماء العالم.
ولأن الطيبين للطيبات، فقد وفق الله ولي عهدنا لنسب مشرف، وكما تقول الأغنية الأردنية: من طيبات الأصل إحنا خذينا، ومن بلد لبلد إحنا مشينا، وبنت سبع جدودي وشيخ العرب إحنا خذينا.
فالآنسة رجوة بنت خالد بن مساعد بن سيف بن عبد العزيز آل سيف، سليلة قبيلة سعودية أصيلة، وما أجمله من نسب، فلطالما ارتبط الأردن والسعودية بعلاقات تاريخية مشرقة، وصداقة متينة، وتتوج الآن بالنسب والمصاهرة.
ومما يزيدنا سعادة أن في السعودية أيضا شابا وليا للعهد، يحبه ناسه، وفيه من الرؤية الثاقبة المتزنة والحماس للتجديد والتحديث والتطوير ما يدفع للتفاؤل والأمل، كما أن الأميرين محمد بن سلمان والحسين بن عبدالله الثاني تربطهما علاقة أخوية مميزة.
وقد أعرب الأميران مرارا عن تقديرهما المتبادل لبعضهما، ووثاقة علاقتهما الشخصية، وهذان الأميران الممثلان للجيل الجديد من الشباب مدعاة للتيمن بخير قادم، وأعتقد أن هذا النسب في صورته الأكبر سينعكس إيجابا على مزيد من توطيد العلاقات وتعزيز الشراكات بين الأردن والشقيقة الكبرى السعودية، وسيسهم بتعميق الثقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ووحدة المصير بين البلدين.
أيام قليلة تفصلنا عن فرحتنا بأميرنا المحبوب، والأردنيون والسعوديون ينتظرون بحرارة مراسم الزفاف، فهي فرحة تخص شعبين متحابين متآصرين ممتزجين، ينتظرهما مستقبل أكثر ازدهارا وانفتاحا وتقدما.