لقد كنتُ أنيقا ذات يوم! بالنسبة لأهلي وأقاربي وأصدقائي وكلّ مَن عرفني قد تبدو هذا العبارة صادمة!
أنا؟! أنا أنيق؟!
أنا مهندم؟!
عندما كنتُ في "الصف التمهيدي" (KG2 حاليا)، رحلنا من مسقط رأسي "جرش"، وسكنّا لفترة من الوقت في "جبل التاج" بعمّان حيث بيت جدي لأمّي، وذلك ضمن مساعي اللحظة الأخيرة المبذولة في حينه لنزع فتيل الأزمات وإصلاح ذات البين بين أمّي وأبي.
وهكذا، تم نقلي من روضتي، روضة "ربا جرش" (والتي كنتُ أساسا قد أتيتُها منقولا من روضة جمعية سيدات جرش)، إلى روضة جديدة في "جبل التاج" لا يحضرني اسمها الآن.
الروضة الجديدة كان لها (dress code) معيّن هو على ما أذكر: بنطال قماش سكني (تشاركول حاليا)، قميص سماوي (بيبي بلو حاليا)، بلوفر صوف كحلي (نيفي حاليا)، كندرة سوداء (الأسود هو الأسود)، ولستُ واثقا بخصوص ربطة العنق.
الروضة لم تكن تبيع الزي المطلوب بنفسها، الرأسمالية لم تكن قد استشرت بعد بهذا الشكل المتوحش في المجتمع والقطاع التعليمي، كلّ المطلوب كان أن يقوم الأهل بشراء ملابس لأبنائهم تلتزم بهذه المحددات.
وبالفعل، فور تسجيلي في روضتي الجديدة اصطحبتني أمّي إلى السوق، سوق التاج الذي يعتبر فاخرا - وإن كان يُصنّف ضمن ما يسمّى "عمان الشرقية" - قياسا بسوق بلدة "فلاحيّة" كجرش.. واشترت لي المطلوب.
في اليوم التالي، أثناء طابور الصباح، فاجأتني مديرة الروضة عندما شرعتْ بامتداح ترتيبي وهندامي، وطلبتْ مني الخروج من الصف، والوقوف أمام الجميع كي يستلهموا من أناقتي و"يملّوا" عيونهم من قيافتي!
نعم، لقد سبق لي وأن كنتُ (موديلز) لخمس دقائق في حياتي!
ما الذي حدث بعدها؟
لا شيء، لم تنجح مساعي التوفيق وإصلاح ذات البين، وسرعان ما عدتُ إلى مسقط رأسي "جرش"، والتحقتُ بعد انقضاء العطلة الصيفية بالصف الأول الابتدائي في "مدرسة جرش الابتدائية للبنين".
ما الذي حدث؟
ببساطة، انفصل والداي وابتعدتْ أمّي، وأنا منذ تلك اللحظة "مهرقل"!
* "المهرقل" باللهجة الأردنية: عكس أنيق، عديم الترتيب، فوضوي اللباس، رثّ الهيئة.