لا احد ، بتقديري، ضد تقييم أداء المسؤولين ،أو محاسبتهم إن أخطأوا، الأردنيون يطالبون بذلك ،امتثالا للقانون الواجب أن يكون فوق الجميع ، لكن ثمة فرق بين تقييم يستند إلى معايير واضحة وعادلة، ويهدف لقياس الانجاز وتصحيح الخطأ ، وبين تقييم إنتقائي او متسرع ، يتحول إلى عقوبة ، وربما إلى وصمة خجل ، وإهانة يتم اشهارها على الملأ.
منذ اكثر من 10 سنوات بدأت قصة تقييم رؤساء الجامعات ، تفاصيل كل مرة لا تختلف عن الأخرى لم نتقدم خطوة للامام ،ولم نتعلم من تجاربنا وتجارب غيرنا، أدرك تماما أن معظم إدارات جامعتنا تحتاج إلى تقييم ، وقد لا تنال درجة مقبول او ضعيف ، أدرك ،أيضا ، أن التعليم العالي برمته يحتاج لما هو أعمق من التقويم والمراجعة ، وأن معظم المسؤولين الذين تعاقبوا عليه لم يحدثوا أي فرق أدرك ثالثا ، أن صدمة الإعفاء التي تصدر بقرار لإنهاء خدمات بعض الرؤساء ،وفق الطريقة التي تجري بها ، لا تليق بالأساتذة ، ولا بالتعليم ، ولا بسمعة بلدنا أيضا.
السؤال : لماذا نعاقب عددا محدودا من رؤساء الجامعات دون غيرهم من الرؤساء ، ولماذا نستثني مجالس الأمناء التي يقع على عاتقها مسؤولية وضع السياسات ومراقبتها ، هل يملك هؤلاء الرؤساء ما يلزم من صلاحيات تسمح لهم بإتخاذ القرارات هل جامعاتنا مستقلة بما يكفي اما أنها ما تزال تخضع لسطوة التدخلات والاعتبارات الاجتماعية وغيرها ؟ ثم كيف يتم تعيين هؤلاء الرؤساء اصلا. ولماذا نجح بعضهم في مواقع أخرى سبق أن كانوا فيها، ،وكيف يمكن أن نقنع غيرهم من الكفاءات الوطنية بخوض مغامرة رئاسة جامعة ، قد تنتهي بهم -كما انتهت بمن سبقهم - إلى الإعفاء بهذه الطريقة غير اللائقة؟
لا أدافع عن احد من هؤلاء الأساتذة الذين تم اعفاؤهم، لكنني احترم الكثير منهم ، وأقدر الوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه بعد قرارات اعفائهم، وحين ادقق في أداء غيرهم من الرؤساء الذين نجحوا في التقويم ،على مدى السنوات الماضية وحتى الآن، أشعر بالظلم بالنيابة عنهم ، فلدي، كما لدى القراء الاعزاء، نماذج عديدة لرؤساء لا يزورون جامعاتهم الا ساعات قليلة ، او رسبوا في مواجهة العنف داخل الجامعات ، أو عجزوا عن تقديم أي إنجاز ، أو قضوا شهورا في سفريات خارجية بلا جدوى كلفت الجامعة آلاف الدنانير ، او اتخذوا قرارات خاطئة صبت ضد مصلحة جامعاتهم ناهيك عن شبهات فساد دارت حول بعضهم ، معقول أن يكون تقييم هؤلاء "ناجح " ، وأحيانا بامتياز ، و مكافآتهم الاستمرار في مواقعهم؟
ما علينا، نريد أن ينتصر مبدأ التقييم وأن يعمّم على الجميع ، لكن ،في موازاة ذلك ، نريد أن يُعاد الاعتبار لاستقلالية الجامعات ، و صلاحيات الرؤساء في مواجهة من يتغولون عليها ، نريد ،أيضا ، أن يُقّيّم رؤساء منتخبون بملء إرادة الأساتذة والطلبة ، وأن تُقيّم مناهج دراسية تليق بمستقبل طلبتنا ، وحريات أكاديمية تدفع البحث العلمي للامام ، وتحتفي بالإبداع ، نريد نشاطات طلابية لا تُحاصر بالقرارات الإدارية والعقوبات ، وجامعات تقود المجتمع لا جامعات أسوارها عالية ورؤسائها قيد التقييم ، اقصد قيد" الاعفاء" والتشهير ايضا .
(الدستور)