مدير الأمن العام يعيدنا للماضي الجميل
أ.د. محمد الفرجات
22-05-2023 12:02 PM
مدير الأمن العام بحملته للتقيد بحزام الأمان على مستوى المملكة يبث فينا روح التيقظ والجدية والمواطنة الصالحة والمسؤولية تجاه أنفسنا ومجتمعنا...
لقد إنحرفت بوصلتنا قليلا بعد الربيع العربي وبعد الكورونا، وكنا فعلا بحاجة لما يجعلنا نفعل كرامي القوس أو الرمح؛ إذ يرجع خطوة واحدة للوراء فيثبت نفسه ويحدد هدفه ويكتم نفسه ليسدد إصابته...
لقد نسينا الغماز ونسينا قواعد السير، وتناسينا جمال يومنا بتفاصيله، وصرنا نتقن التذمر والشكوى والكل يتمنى الهجرة ويتأفف...
أذكر طفلا حلقات برنامج "فكر وإربح" مع رافع شاهين بالثمانينات، كل حلقة مع مؤسسة أو دائرة، كم كان الحضور يعكسون بيئات عمل جميلة وإيجابية ومحفزة للإنتاجية..
كم كنا متقيدين بكل شيء ولا نتفلت من القواعد والأسس والمعايير؛ كانوا قبل تشغيل السيارة بالصباح يتفقدون عجلاتها وزيوتها وجاهزيتها، كان مراقب السير يقف بثبات ولا يستعمل ما يلهيه عن عمله، كان الموظف يبتسم في وجه المراجع، وكان الطبيب يبتسم في وجه مريضه، وكان المهندس يستلم العطاء كاملا كما ورد بوثيقة العطاء... بكل التفاصيل الدقيقة..
لم نكن نسهر أكثر من العاشرة مساءا، وكنا نصحو باكرا جدا، ولم نعرف الأرجيلة في البيوت وإستعمارها لصحة الأمهات والشباب...
كنا نعمل كل شيء بمحبة، وكنا نراعي التعليمات والأحكام والأنظمة ولا نخالف القانون، كانت بوصلتنا تشير إلى الهدف، وكنا نتقن العمل.. كنا بسطاء غير معقدين لكننا كنا أقوياء ونعمل بجد وبإتقان..
قد يكون حزام الأمان بداية النهضة الشعبية لنعيد إستحضار وإنتاج فكر ومثابرة وجد وإجتهاد العقود الأخيرة قبل دخول عام 2000، وقبل إنفجار ثورة المعلوماتية والتي شتت الفكر وأخذنا غالبا منها الجانب السلبي،،، كغاية وليس كوسيلة..
نريد مدارس تنتج طلاب طموحين مسلحين بالأخلاق والإيمان والفكر والمواطنة الصادقة..
جامعات تخرج أجيالا قوية علميا وعمليا ونفسيا ويطورون أنفسهم بإستمرار ويبتكرون.. بدل المشاجرات والعنف!..
بيئات عمل محفزة منتجة متطورة تسند البلاد في كل التفاصيل.. بدلا من الترهل والفساد المالي والإداري والفني والقانوني..
مواطن سليم صحيا ونفسيا ويتفاعل مع بيئته ضمن القانون.. والأعراف الطيبة سلم مجتمعي في المدن والقرى والبوادي والأرياف والمخيمات.. رفاهية تصنع الفرح في الأحياء تحققها البلديات ومجالس المحافظات في أرصفة المشاة والحدائق والمتنزهات... وحملات النظافة..
حملات تطوعية طبية إجتماعية تنموية ..
وزارة شباب تسند شبابنا فكريا وصحيا ونفسيا ..
وزارة إدارة محلية تحول محافظاتنا إلى محركات تنموية إقتصادية...
نعم.. فلتكن البداية من إلتزامنا بحزام الأمان والسلامة على الطرقات، ومبادرات أخرى ننتظرها من بقية الوزارات والمؤسسات والقطاع الخاص..