على ضفاف 77 من الاستقلال .. أما قبل
21-05-2023 12:27 PM
لقد أصبحت مشكلتنا تتعلق بجودة الحياة، كيف نعيش؟، وماذا نريد؟، ولماذا نتعلم؟، وهل نحن مستعدون للمراحل القادمة التي باتت تتعاقب بتلك السرعة المهولة التي تتفاقم فيها سطوة التقنيات والتكنولوجيات؟، ومتى سنتخلى عن الاستراتيجيات القديمة البالية ورعاتها وتوجهاتهم الخائفين على مراكزهم دون أي حس بالمسؤولية نحو الوطن والمجتمع، في حين يتغنى معظمهم بأنهم مواطنين ولكنهم مع الأسف دون مواطنة؟، وكيف سنصبح ممسكين بأدوات المستقبل ومعاول الازدهار؟..
يقال حتى تَختَرق من الخارج فلابد أن تحدث انهيارا في الداخل، ولست هنا متحدثة عن تلك الاختراقات الخارجية المُستهدفة لنخر الداخل بمعاول الفساد المستشري بقصد تحقيق المصالح والمآرب، ولست قاصدة تدمير الداخل بوضع غير ذوي الاختصاص بمراكز اعتبارية يعيثون فيها خرابا بقصد أو دون قصد بتلك القرارات الجائرة غير المبنية على دراية واعية لواقع الحدث مدبلجين لما يقومون به على أنه إنجاز ونقلة، مفتخرين بتعظيم قراراتهم التي يروج لها سحيجة مؤيدين يتم اختيارهم في مواقع حساسة لهذا الغرض.
إنما أتحدث عن إحداث الانهيار الذي يُمَكن الاختراق الممنهج لأدوات النماء لأجل التحول القادر على إعادة الهيكلة وإعادة الهندسة المرنة التي تستوعب المستجدات وتستقطب الخبرات الداعمة باستشاراتها، واستهدف هنا الخبرات التقنية القائمة على القيم الأصيلة التي لا يختلف عليها أحدهم، والكفاءات من الشباب القادر على مواجهة التغيير برشاقة تقدم قيمة منافسة تستوعب المعلومات والاحتياجات وتحول المعرفة لحلول مؤثرة وصانعة للفروق بمرور الوقت لتحقيق الاستدامة التي تضعنا على مدارج الحياة الذكية.
في هذا السياق يتم التأسيس للتحول بالأجيال من الشباب من مستهلكين للتكنولوجيات وأدواتها بكافة صورها، ليشقوا ثوب البطالة وينزعوا جلباب الفقر وينهضوا من عزلتهم عن الواقع إلى صحوة مدركة لأدوارهم الريادية بطموحات بعيدة عن لعن الواقع وندب التحديات؛ ليأخذوا مواقعهم ويمارسوا أدوارهم كمواطنين حقيقين مسؤولين عن حياتهم ونمائها ومجتمعاتهم وازدهارها، سابرين العالم الرقمي باستثمار التكنولوجيا المتاحة لهم كما أرادهم جلالة الملك عبدالله الثاني -حفظه الله-، فالتفوق على الذات جسر للتفوق على الآخر الذي نراه أنموذجا.
أتحدث عن ذلك الانهيار للأفكار والخمول الذي جعل الجيل جاثم في مناطق الراحة متسربل بالكسل، للانتقال بهم إلى فضاءات العمل والعطاء، وتحريكهم إلى الاندماج والتكامل والإثراء بالتنوع وزيادة المشاركة الفاعلة بكفاءة، وبناء علاقات استراتيجية داخلية وخارجية طويلة الأمد كونهم شركاء في إنجازات هذا العالم الذي هم جزء مؤثر فيه، يدركون أنهم ذوي تأثير على العالم من حولهم.
فليس هناك مجال لمزيد من وقت يهدر، وأعمار تذهب سدى في خيالات التمني التي تهيمن على شبابنا بغض النظر عن جنسهم وإن كانوا يافعين أو متقدمين، وأن كنا نسهم بجدارة في الوقت الراهن بتسريب جيل الشباب (ثروة الوطن) وهدر طاقاتهم، فإننا وبلا أي شك نتسبب بانهيار الوطن حين نجعل من من استنفذت طاقاتهم سابقا وتمترسوا خلف خبراتهم القديمة في مواقع قيادية هم غير ممتلكين أدواتها العصرية، وغير قادرين على فهم متطلباتها وكفاياتها المستقبلية، ولم يعد لديهم وقت أو جهد وطاقات يقدمونها.
وعلى ضفاف السابع والسبعين من الاستقلال في المئوية الثانية من عمر دولتنا المجيدة أوجه دعوة لراسمي السياسات وأصحاب القرار، إلى تحرير جيل الشباب -ولدينا من العقول والطاقات المكتنزة ما هو ثمين مميز- من استعمار المحاربين القدامى للمواقع، ومنحهم حقهم بالاستقلال وأخذ مواقعهم في مراكز القرار وممارسة أدوارهم في شتى المجالات التي هم أقدر على قيادتها للعبور بوطننا إلى المستقبل الفتي والتحول إلى العالم الذكي.
حمى الله أردننا، ورعى شبابه وجعله فتيا مزدهرا في ظل قيادتنا الهاشمية الحكيمة.