من يعبث بالرأي العام الأردني؟
د. ذوقان عبيدات
21-05-2023 11:42 AM
كان واضحًا من سلسلة الغزوات؛ بدءًا من بنطلون "أبو ركبة"، والأفلام التي لا تناسب قيمنا، والتماثيل المحرّمة، وحفلات الأغاني، ومهرجانات الفن، وخاصة مهرجاني جرش والفحيص، والغزوة ضد وزير الأوقاف، وغزوات كسر التضامن مع غير المسلمين، كان واضحًا أن الفكر الداعشي يتحكم بالرأي العام، وكان من السهل متابعة مخططي الغزوات وأهدافهم، ولذلك فإن ربط الغزوات بالفكر الداعشي له ما يبرّره،
فالرأي العام الأردني، أو ما يسيطر عليه، ظهر بوضوح في غضب الأردنيين من عدم نجاح أردوغان من الجولة الأولى، وكأنه من أحفاد صلاح الدين، أو خالد بن الوليد!!. وغضب هذه الفئة التي تصنع الرأي العام تجسّد في تعليقات ناشطي -الميديا- وكل الأردنيين ناشطون- حتى صرت شخصيّا على يقين بأن أردوغان حبيب الأردنيين، ولو تنافس مع وصفي التل لنال أكثر من ٩٠٪ من الأصوات! فأردوغان هو الشهيد وابن الشهيد، والأردني الغيور الذي سينزل على أعدائنا كالصاعقة كما يقال عن جدّه العثماني يا يزيد!!
وحين قيل: إن أردوغان مُحتلّ في سورية، ومهيمن على شمال العراق وليبيا يقولون لك: إنه دخل لحماية السوريين من بطش الأسد، وحماية الثورة الليبية، وحق الدفاع المشروع عن الذات في العراق!! تمامًا كمبررات أي احتلال أو غزو! هذا ما يقوله عدوان أمريكا واحتلال إسرائيل، وحتى روسيا!
لا يهمني تأييد أردوغان ولا العداء له، لكنني لم أرَ رأيًا عامًا لأنصار أردوغان تجاه غزة وحركة الجهاد، وصمودها أو حتى ضعفها! طبعًا باستثناء الحركة الإسلامية!
لا أناقش صلاحية أردوغان أو عدمها، لكني أسأل: من وراء هذه التعبئة؟ ولماذا هذا العشق؟
( ٢ )
(القمة العربية)
ليس كلامًا في السياسة، وليس نصرة للأسد - مع أني لست ضدّا - فما يهمني هو الرأي العام الأردني، وناشطو الميديا من موظفين مدنيين سابقين، وعسكريين سابقين، وسفراء وأساتذة جامعات، وهم أنفسهم عاشقو أردوغان!! رفضوا مؤتمر القمة، وعدّوه نصرة "للمجرم" الأسد على حد قولهم!
استحضروا الكيماوي، والبراميل المتفجرة، وكل ما حصل ولم يحصل! لم يتحدث أحد عن أجواء المصالحة العربية، ولا عن الرياح الجديدة التي "قد" تنتج بعض الخير!!
كانت فرصتهم لشتم الأسد، وكأنه المسؤول عن فشل عشيقهم أردوغان، والمصالحة بين عدوتهم الأولى إيران، وبين المملكة العربية السعودية، وربما عن احتمال نجاح عدوهم سليمان فرنجية في لبنان! لم أجد تفسيرًا. لموقف بعض الأردنيين! شارك الملك في القمة، واشتهر الأردنيون بدعمهم لكل القمم، وبكل التصالحات العربية! وبدلًا من التفاؤل بجو القمة، أثاروا أسئلة حول مشروعية ضرب الجيش الأردني لمهربي المخدرات، بل وتحدثوا عن تمكن العرب من جلب الأسد رغمًا عنه "ذليلًا مهزومًا" لمؤتمر جدة!! أي تفكير هذا؟ وأي منطق؟ ومن يعبث بهؤلاء؟
أكرر؛ لا أكتب عن أردوغان أو الأسد، بل عن موقف الرأي العام لفئة من الأردنيين المقهورين من تسارع الأحداث!
هل يمكنني القول: إنه نقص في مهارات التفكير الناقد ورفض الاستهواء؟
أسأل: هل يسقط هؤلاء توتراتهم في غير مكانها؟ هل أردوغان والأسد إحلال وإبدال كما يقال في علم النفس؟
ماذا لو تصالح الأسدان؟