للاماكن أرواحٌ لا تموت قد تشيخ وقد يعتريها من الوهن والعجز شيءٌ، لكنها لا تموت تظل دائمًا متوقدة بضيائها الأول مستعدة دومًا لعرض شريط الذكريات الخاص بها مهما مضى من الوقت عليها كذلك هي الارض التي عندما يتأمل المرء فيها يجد ذاكرته مليئة بالمواقف والأحداث والأفكار وكلها تأتي في سياق يضع المكان إطارًا يُمسك بتلك الذكريات.
الأرض هي الهوية والهوية هي الانتماء وليس هناك اطيب من رائحة الارض التي ورثها الاباء والاجداد واصبحت قصة عشق أبدية لانهم جبلوها بعرق جبينهم لتكون لهم شريان الحياة الذي يجسد عبق الماضي بالحاضر والتقاليد والتراث والغناء القديم والارث العظيم.
رحم الله أجدادنا وآبائنا الذين قاموا باستصلاح الارض وحرثوها وزرعوها بالحبوب والاشجار المثمرة لتوفير العيش الكريم، فكانت مصدر رزق بالنسبة لهم لأسرهم .
الارض هي الوطن الذي أحبوه لأنه شعور داخلي يحتل كل قطرة دم من اجسادهم ليعكس الأصالة ويحمل عبق الماضي ونكهة البوادي والارياف ومواسم الزرع والحصاد.
يأسرنا حب الأرض التي تذكرنا دائما بمشاعر العشق التي تحرك وجداننا ومشاعرنا والاشياء الجميلة والرائعة التي تركها الاباء والاجداد الذين حافظوا عليها لتهنأ بها الأجيال المستقبلية بعيش كريم ويتوارثوها من جيل الى جيل .
ونحن بدورنا كجيل ورث الارض من الآباء والاجداد أصبح لزاما علينا الحفاظ عليها والتشبت بها لأنها الروح وشريان الحياة الرئيسي لنستذكر بها حكاية الاجداد والاباء الذين تعبوا وجاهدوا لزراعة الارض والمحاصيل واستصلاحها وزراعتها بالأشجار من اجل ان يتوارثها الاجيال الذين يتوجب عليهم استمرارية تحسينها والعمل بها لديمومة انتاجها والمحافظة عليها .
وفي الإسلام خلق الله الإنسان ليكون خليفته في الأرض فرائحتها الزكية تذكرنا دائما بالخالق عز وجل الذي منحنا كل هذه النعم، فالانسان حين يشم أي رائحة طيبة يقول فورا (الله) وهل اجمل من ان نذكر الله ونعمه علينا .
سنبقى نحب الارض ونعشقها عشقا ونستمر في زراعتها وحراثتها والعناية بها ولا يمكن لأي سبب من الاسباب ان نتركها لأنها قصة ارتباط أبدي غرسها الاباء والاجداد الذين نعيش من خيراتهم وتعبهم وسهرهم على الارض.
نترحم على الاجداد والاباء الذين ورثوا الارض وغرسوا حبنا فيها تقديرا لحبات عرقهم وتضحياتهم التي قدموها للابناء .