لأنها تبعد أكثر من أربعين كيلومترا عن مكان عملي ما يعني انه يلزمني يوميا ما يقارب ثلاث ساعات ذهابا وإيابا للتنقل بين البيت والعمل، إخترت أن أسكن في السلط.
ولأن السلط لها منفذ واحد فبإمكانك "التحجج" وإخبار مديرك في الدوام أن حادثا عند المخرج "الوحيد" إضطرك للتأخر عن الدوام "وإذا إنه مش مصدق يسأل" كل يوم هناك حادث بهذا السيناريو تقريبا : أربع سيارات - على الأقل - تصادمت نتيجة التتابع القريب، إثنتان كيا وواحدة هونداي والرابعة ضع ما شئت، والحادث قبل دخلة الترخيص، ولماذا كل يوم حادث؟ لأن الناس تخرج بعد طول كبت وانتظار من عند إشارة المحكمة فينطلقوا بأسرع ما لديهم، وعند أي وقوف مفاجىء لأي سيارة تقبّل كل سيارة "صندوق" السيارة التي تسبقها، فتقف السيارات بأنتظار االتحقيق المروري، ويبدأ الناس "المتفرجون" بتخفيف سرعتهم الى حد الاختناق مشكلين حالة من الإختناق المروري "اللي بطلع الروح" ومع ذلك قررت أن أسكن في السلط.
ولأن العودة مساءا عن طريق صويلح ... حيث الأزمة تلزمك بعد رؤوس الغنم في ثلاجات اللحامين هناك وهم كثر...إخترت السلط.
ولأني إكتشفت أني بحاجة كل يوم الى ما يقارب خمسة دنانير "بنزين" وهو ما يقارب من نصف أجرة شقة في عمان، قلت في نفسي "حتى ولو ... عادي"، أنا أحب السلط، وقراري لا رجعة عنه.
ولأن السلط دون معظم المحافظات، بلا منطقة تنموية خاصّة، وبلا أي مشروع سياحي، لا خاص ولا عام الحمد لله، ولا حتى عيادة عسكرية " مش طمعانين بمستشفى"، وللأسف بدون منطقة صناعية خاصة، ولم يُباشر بمشروع سكن كريم فيها، أيضا قررت إلتزام السكن في السلط...كناحية أدبية.
ولأن الفرص تتضائل إلى حد الإنعدام، وينحصر بحثنا عن عمل في الدوائر الحكومية التي ضاقت بمن فيها، ولأجل "سمعة العيلة" لن أرحل من مدينة السلط.
أشعر أنّ السؤال "لماذا أسكن في السلط؟" لا يحتاج إلى علامة استفهام بل إلى علامة تعجب!
qusainsour@yahoo.com