سياسيون: القمة العربية تمثل عهدا عربيا جديدا وتوافقات غير مسبوقة
20-05-2023 03:19 PM
عمون - منذر الفاعوري واحمد ملكاوي - مر أكثر من 12 سنة على آخر توافق عربي في مؤتمر قمة ضم كافة الدول الأعضاء في الجامعة العربية، أعقبتها سنوات عجاف على العالم العربيّ الذي شهد زعزعة بعض الدول وتجميداً مؤقتاً لعضوية ليبيا، وتعليقاً للمشاركة السورية منذ عام 2011، التي عادت بالأمس إلى الطاولة العربية بقوة تمثلت بحضور رئيسها بشار الأسد وعناق حار جمعه برئيس القمة ولي العهد السعوديّ الأمير محمد بن سلمان، وزعماء عرب.
المواقف كانت مشتركة والكلمات بالأهداف متشابهة بين الرؤساء، جلها تركزت على الموقف العربي من القضية الفلسطينية، والترحيب بعودة سوريا وضرورة التهدئة بين أطراف النزاع في السودان.
سياسيّون يرون أنّ القمة تمثل عهداً عربياً جديداً، ويأملون بتعميق العلاقات العربية وتطويرها وتوحيدها لإثبات أن العالم العربي جدير بإثبات موقفه للعالم.
مندوب الأردن الدائم في جامعة الدول العربية، والسفير أمجد العضايلة، قال إنّ قمة جدة كانت مميزة منذ البداية، فهي قمة توافقات على كل القرارات التي عرضت على مستوى المندوبين ومن ثم على مستوى الوزراء.
وأضاف العضايلة، بمداخلة لبرنامج 60 دقيقة عبر التلفزيون الأردني الذي يقدمه الزميل عمر كُلاب، أن تلك القرارات شملت القضية الفلسطينية التي تعد الأساس بالنسبة للأردن، مؤكدا أنه على الدوام المملكة لها أدوار رئيسية بالتنسيق مع الأشقاء الفلسطينيين في صياغتها.
وعن عودة سوريا لاجتماعات القمة العربية، أوضح أن الحضور السوري ميز القمة اليوم مع التأكيد على أهمية التضامن والعمل العربي المشترك وإزالة التوترات وأهمية استقرار المنطقة.
ولفت إلى أن تلك المواضيع تعد أساسية لكن تضمنت القمة اليوم من خلال الكلمات التي استعرضها القادة وفي مقدمتهم جلالة الملك عبد الله الثاني، حيث كانت كلمة هامة ركزت بصورة رئيسية على العمل العربي، وبشكل خاص أيضا اهتمت بالجانب الاقتصادي؛ كونه يهم المواطن العربي في كل مكان.
ونوه العضايلة إلى أن مبادرة عودة سوريا إلى القمة العربية بدأت من عمّان قائلا: "نحن في الأردن نشعر أن هذه الأزمة طالت ولا بد من إيجاد حل سياسي ينهي العنف والإرهاب وكل تبعات الأزمة بما فيها اللاجئين ويحقق مصالحة وطنية يعيد لسوريا وحدتها".
وحول مخرجات القمة وما قد يتمخض عنها، أوضح المحلل والكاتب السياسي الدكتور خالد شنيكات في قراءته لمعطيات القمة الثانية والثلاثين التي اختتمت في جدة، أنها اهتمت بمواضيع مختلفة بالتفاصيل والمعطيات التي قد تكون فرضت نفسها على الساحة العربية، واهمها الحدث الأبرز كان عودة سوريا للجامعة العربية والمنظمات التابعة لها، وحضور الرئيس السوري بشار الأسد على رأس الوفد المشارك بالقمة للمرة الأولى منذ 12 عاما.
وأشار شنيكات خلال حديثه لـ عمون، إلى ان استراتيجية "خطوة مقابل خطوة" لازالت تحكم العلاقة مع سوريا، بمعنى انه يجب ضبط مشكلة تهريب المخدرات والمليشيات المسلحة عبر الحدود السورية مقابل اعادة الاعمار ومزيد من الخطوات للتقارب مع سوريا وعودة الامور الى طبيعتها.
وبين الشنيكات أنّ إعلان جدة جاء بنفس الصيغة التي بنيت وصدرت قراراتها في اجتماع عمان وهذا مكسب سياسي يضاف الى الأجندة الأردنية في سبيل التقارب العربي والدفع بالعملية السياسية الى الأمام، وكان النمط ذاته طاغياً على أجواء القمة العربية التي سادتها الايجابية والتوافق والمصالح المشتركة.
وزاد، أن القمة أكدت على مركزية القضية الفلسطينية عربيا وعلى المبادرة العربية كسبيل لحلها، وأهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، وكذلك دعم الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات الاسلامية والمسيحية.
وبشأن الأزمة السودانية، رفضت القمة بقراراتها أي تدخل خارجي في الشأن السوداني لتفادي تأجيج الصراع، واعتبار اجتماعات الفرقاء السودانيين في جدة خطوة يمكن البناء عليها لإنهاء الأزمة، مع التأكيد على ضرورة التهدئة وتغليب لغة الحوار.
وفيما يخص وجود أفق جديد للعمل السياسي العربي، بين الشنيكات أن ذلك يرتبط بكيفية التعامل مع نتائج القمة على أرض الواقع، ومتابعة تحقيقها وهذا يعنى بالامانة العامة للجامعة العربية والتحقق من مدى تنفيذ القرارات، والأمر يرتبط كذلك بالمتغيرات والظروف الدولية المتغيرة والتي قد تؤثر على طريقة تنفيذ الاهداف، ولكن بالمجمل فإن قمة جدة 2023 ركزت على المصالحة "العربية - العربية" في طريقة تناولها للحديث عن التسويات ومالت الى ضرورة عدم تدخل في شؤون الدول العربية الداخلية وإبقائها في نطاق البيت العربي، وكما ركزت بشكل أساسي على قضايا سياسية منها الملف السوري وخروجها من الأزمة الحالية وضمان التزامها في تعهداتها وكذلك الحال فيما يخص الأزمة السودانية وما استجد عليها ضمن اعلان جدة للبناء على الحل السياسي والدور السعودي في هذا الموضوع.
وأشار الى أن هناك أبعاداً أخرى لمخرجات القمة ومنها الاقتصادية وتطوير قضايا التنمية وضرورة انعكاسها على المواطن العربي، مؤكدا أن ذلك يتطلب تعاوناً عربياً كبيراً الأمر الذي يسهل عليها مواجهة التحديات الساسية والاقتصادية المستقبلية، ومنها ما يتعلق في الوضع باليمن وليبيا ولبنان والعراق.
وختم الشنيكات، أن ما لفت الانتباه في القمة الاهتمام باللغة العربية والنواحي الثقافية وتوطيد التواصل مع المهاجرين العرب في دول الخارج وربطهم بثقافتهم العربية.
من جهته، أكدّ المحامي سميح خريس، أنّ التوافق العربي الذي كان جليا خلال القمة العربية الجمعة، يعني بداية عهد عربي جديد مسلّماً به من النظام العالمي، وهذا يُلح على ضرورة تطوير العلاقات العربية أكثر، وتوحيد الجهود في إثبات القوة العربية وأنّ الوطن العربي قادر على خلق مناخه السياسيّ وثبوت أهميته على خارطة العالم.
وقال خريس لـ عمون، إنّ سوريا فرضت نفسها على كافة دول العالم، بعد أعوام من صمودها -12 عاماً، وبالرغم من محاولات إسقاطها وإنهاء قيادتها الّا أنها فرضت نفسها على كافة دول العالم كالدول العربية التي سارعت لفتح صفحات جديدة معها، وبلغت ذروة ذلك في خطاب الرئيس السوري بشار الأسد أمس الجمعة في القمة العربية.
ووصف كلمة الأسد خلال القمة بخطاب "النصر" الذي أعلن فيه عودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية، في وقت يتزامن فيه العالم مع نهوض نظام عالمي جديد، وأفشلت محاولات دولة الاحتلال الإسرائيلي بالتطبيع، وفتحت آفاقاً سعودية مع الصين وأخرى تركية مع مصر.
وثمن الموقفين الأردني والسعودي، لوقف تجميد مقعد سوريا في الجامعة العربية بعد مرور 12 عاماً، حيث أكد الملك عبدالله الثاني خلال لقائه الأخير بالرئيس الأمريكي جو بايدن على أنّ الحل الوحيد لعودة سوريا وإنهاء الخلافات فيها هو الحل السياسي ولا بديل عنه، إضافة إلى العمل الأردني الدؤوب من خلال الزيارات الرسمية والدبلوماسية والمحادثات الهاتفية التي جمعت بين الملك عبدالله والرئيس بشار الأسد.