لا شك ان ادارة الضمان الاجتماعي تبذل جهودا مضنية لتعزيز الامن الاجتماعي للاردنيين ومأسسة حقوقهم التقاعدية والحفاظ على ادخاراتهم وتعزيزها في ظل تحديات جسيمة تلقي بظلالها على كافة نشاطات المؤسسة.
لعل ابرز تلك التحديات هو التدخل بالقرار الاستثماري في صندوق استثمار اموال الضمان الذي تناهز موجوداته الخمسة مليارات دينار, وهو الصندوق الاستثماري الاكثر استقرارا ونموا بين الصناديق المالية الرسمية والخاصة. لذلك, كانت التدخلات والضغوطات على قراراته العليا تبرز بين الحين والاخر, ورغم ان معظمها باءت بالفشل الا انها مرشحة للعودة من جديد خاصة في ظل الفراغ المؤسسي لصندوق استثمار اموال الضمان, فلا يوجد مدير اصيل للصندوق, ووزير العمل رئيس مجلس ادارة المؤسسة العامة للضمان هو شخص جديد على العمل العام, والمدير الحالي للمؤسسة الدكتور معن النسور عليه مسؤوليات كبيرة وملفات مهمة لتطوير وتوسعة شمول الضمان ومأسسة الكثير من النشاطات الحيوية, وبالتالي فان ادارة الصندوق المقبلة يجب ان تكون ممن تملك خبرة عملية في ادارة الدولة من جهة والحرص العام على اموال الاردنيين وعدم الهلع في استثمارها تحت اجندات اقتصاديات الفهلوة من جهة اخرى.
الكل يتذكر كيف حاولت تلك القوى الضغط على ادارة الضمان قبل خمس سنوات للحصول على 500 مليون دولار للمشاركة في احدى المحطات الفضائية العربية التي كانت معرضة للانهيار, ولولا حرص المسؤولين ويقظة الاعلام لكانت الخسائر كبيرة.
ولا احد ينسى محاولة بعض الوزراء الضغط على ادارة الضمان قبل ثلاث سنوات لتوظيف 200 مليون دولار لاستثمارها في بورصة لندن, وبعدها بقليل استثمار 150 مليون دولار لبناء مساكن للسفراء في الخارج, كلها محاولات باءت بالفشل بعد وقوف الاعلام وبعض القوى الوطنية ضد تلك المشاريع المشبوهة.
ويعلم الكثيرون ان الحكومات كانت تنظر الى اموال الضمان على انها متنفس عند الازمات, وكانت يدها تطال بين الحين والاخر اموال الاردنيين تحت مسميات مختلفة, فتارة قرض لمؤسسة موارد المتعثرة, واخر لسكن كريم المجمد واخر سلفة للرواتب, ومرة لشراء مشروع دابوق واخرى بالضغط عليه للتخلي عن استثماراته الناجحة مثل ما حدث قبل اشهر في اسهمه الاستراتيجية في بنك الاسكان وغيرها من المشاريع التي غابت المساءلة الرسمية عن مضمون ما يجري في الضمان, وكأن ما يحدث هو في الجوار وليس بالاردن.
من المفترض ان يكون لمجلس النواب نظرة خاصة في التعامل مع مؤسسة الضمان وصندوق ادارة امواله, فتكون الرقابة عليه على الدوام ومستمرة وتحميه من الضغوطات التي قد تتولد على اداراته بين الحين والاخر, والمقصود ليس فقط الحكومة انما بعض القوى المتنفذة التي باتت تعتقد ان لديها الحق في السطو على اموال الاردنيين ومدخراتهم تحت حجج واهية.
لقد خسر الاردن الكثير من موارده جراء الخصخصة والانفتاح الاقتصادي, واضاع بعض مسؤوليه موارد الدولة بثمن بخس, ولم يبق الان غير الضمان, او مدخرات الاردنيين والكل عينه على تلك الاموال. من الواجب صحوة وطنية للحفاظ على تلك الاموال والاشتراك في اختيار الادارة المسؤولة عن تلك الاموال بدلا من تركها للحكومة وحدها تفعل ما تشاء.
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)