قبل عقد ونيف أخذ قرار انفعالي غير مدروس من دول عربية بإخراج سوريا من الجامعة العربية، وكانت يومها سوريا تواجه حربا إرهابية شرسة تطلب رأس الدولة هناك واستقرار الشعب السوري وأمنه وكأنها حملة مغولية جديدة على دمشق ، ومضت السنون والسوريون مع دولتهم وجيشهم يدافعون عن أرضهم ، وخلال الأعوام الإثنى عشر الماضية ظهرت في بعض العواصم عشرات الكيانات المصطنعة حاول صنّاعها أن تكون بديلاً عن الدولة السورية، سرعان ما اختفت وتلاشت لأنها كانت من مجموعات مأجورة لا شرعية لها على الأرض السورية ولا جذور لها في تاريخ الشعب السوري ، وثبتت سوريا بدولتها وجيشها وشعبها رغم ضراوة الحرب ورغم الجراح العميقة وانتصر السوريون على الإرهاب ،وانتحر الارهابيون على اسوار دمش وحلب وحمص واللاذقية وكل المدن السورية، وحافظ السوريون على دولتهم ووحدة أراضيهم رغم حجم المؤامرة الكبير وبشاعتها.
لقد دفعت مئات المليارات من أجل تدمير سوريا لأنها كانت الهدف الثاني لقوى الإستكبار العالمي الداعم للكيان الأسرائيلي بعد العراق ، وظن هؤلاء أن المهمة ستكون سهلة في دمشق لكنهم اكتشفوا أن في سوريا دولة عميقة متزنرة بمؤسسات متجذرة وشعب رفض المؤامرة وتمسك بدولته واستقراره، وجيش قاتل حتى انتصر ، و اكتشفوا أن للدولة السورية تحالفات في العالم والمنطقة عصية على الأنفكاك.
العرب اليوم يفتحون صفحة جديدة مع سوريا العربية ويقولون أنهم سيقفون إلى جانبها لتجاوز آثار الحرب التي شنت عليها من اتجاهات متعددة.
وهم المستفيدون من العودة إلى سوريا لأنها دولة ذات ثقل كبير في المنطقة والإقليم داعمة للقضايا العربية وقوة اقتصادية كبيرة.. كانت قبل الحرب صاحبة دور محوري ذو فاعلية على مسيرة الأحداث وشكل القرار.
لقد تبين للجميع أن القرار الذي اتخذ قبل أكثر من عشر سنوات كان قرار خاطئ ومتعجل جاء من خارج الحدود العربية وكان جزءا من مفاصل الحرب على سوريا، و تسارعت في الآونة الأخيرة خطواتهم إلى دمشق التي فتحت صدرها لأشقائها وتجاوزت عن الجراح والطعنات وكانت النتيجة أن هذه الخطوات لدول عربية وازنة مثل الأردن ومصر والسعودية والعراق ترجمت على أرض الواقع العربي بعودة سوريا إلى الجامعة كخطوة أولى في مسيرة استكمال تفعيل الدور السوري في النظام العربي والعمل العربي المشترك ..
لم تكن سوريا دولة هامشية في المنطقة فقد كانت ذات إقتصاد عملاق منتج على كافة المستويات ومختلف المجالات وكانت ديونها الخارجية صفر مما أهلها أن تكون صاحبة موقف قوي وثابت في مختلف القضايا القومية الأمر الذي جعلها في عين أرباب الإرهاب والمنظومة التي استهدفت دولا عربية عديدة من أجل خدمة الكيان الإسرائيلي كما أشرت.
العرب اليوم يعودون إلى سوريا ويبدأ تأريخ عربي جديد من جده بهذه العودة لأن الشام جزءا أساسياً فاعلاً في المنطقة و الإقليم ولا يمكن أن تبقى خارج صفّ أمتها ، لأن الخسارة الكبرى هنا تكون على الأمة بالدرجة الأولى.