أحزاب تحكم أوطان وأحزاب ديكور
احمد عبدالفتاح ابو هزيم
18-05-2023 12:32 PM
مشهد في غاية الروعة والإبهار، رسمته الإنتخابات التركية بشقيها الرئاسي والنيابي، من خلال ممارسة ديمقراطية حقيقية ، ومشاركة شعبية فعلية من كافة فئات المجتمع بنسبة زادت عن ٨٨% ، حيث أقر طرفي معادلة الحكم "حاكم ومحكوم" بأن الطريق الأقصر والأسلم والأفضل للحكم الرشيد ، وارتباط المسؤولية بالمسائلة يأتي عبر صناديق الإقتراع .
حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان تسيدا الحكم في تركيا أكثر من عشرين عاماً ، ولهم إنجازات وبصمات واضحة المعالم في أغلب المجالات ، ومن خلال تواجدهم على رأس مفاصل الدولة حيث صناعة القرار تحقق لتركيا نهضة إقتصادية وإجتماعية وسياسية يشار لها بالبنان ، وتعاظم دورها الإقليمي والدولي .
قبل إستلام حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم، كان المشهد السياسي التركي غارق في حالة من عدم الإستقرار ، ويعاني من صراع محموم للقوى السياسية المختلفة على السلطة مما كان له نتائج سلبية وخيمة على الإدارة العامة للدولة ، ولقد وفرت تلك الظروف الغير طبيعية بيئة خصبة للجيش لتنفيذ إنقلابات عسكرية ، والتدخل الدائم في قرارات الحكم المدني بحجة الحفاظ على علمانية الدولة التي أرسى قواعدها كمال اتاتورك مع إعلان تركيا دولة جمهورية .
أردوغان من خلال أغلبية حزب العدالة وتحالفاته ، وثقة الناخب التركي بقيادته ، ووفق تعديلات دستورية شملت 18 مادة من الدستور ، استطاع إحداث تغيير جذري في بنية وشكل نظام الحكم من نظام برلماني قائم منذ تأسيس تركيا الحديثه إلى نظام رئاسي ، حيث سمحت تلك التعديلات بإلغاء منصب رئيس الحكومة وزيادة صلاحيات رئيس الجمهورية ، وكذلك تم إلغاء القانون العسكري الذي لطالمات لجأت الية القيادات العسكرية لتبرير تدخلها في السياسة الداخلية والخارجية والانقلاب على الحكومة إذا اقتضى الأمر " مراراً وتكراراً " وبحسب التعديلات أُخضعت المؤسسة العسكرية تحت رقابة الجهات المدنية ، وتم حصر مهامها في الدفاع عن البلاد بموجب قرار سياسي .
التحولات الجذرية الكبيرة التي أحدثها حزب التقدم والعدالة بقيادة أردوغان في جميع مناحي الحياة ، والأثر الإيجابي الملموس في تقدم مكانة تركيا وإزدهارها في أغلب المجالات بحسب مؤشرات القياس العالمية ، لم يكن سبباً مقنعاً لهم لأخذ البلاد رهينة نزولاً عند شهوة السلطة ورغباتها ، ولم يكن حافزاً لممارسة القمع والإقصاء القهري للمعارضة أو لمنافسين مفترضين حتى تبقى الساحة السياسية حكرا عليهم ، والطريق الى الرئاسة والبرلمان ممهدة لهم بنتائج تصيب المرء بالغثيان بنسبة 99.99./. كما كانت تفعل الأنظمة البائده .
كل مواطن تركي من الممكن أن يكون هو الفيصل وصاحب الصوت الحاسم في إختيار من هو الرئيس، وهو الرافعة الأساسية ومحور الإهتمام في جعل كلا المرشحين للرئاسة والأحزاب المتنافسة من تجويد برامجهم الإنتخابية وتطبيقها على أرض الواقع في حال النجاح لأن "الحساب على البيدر" قادم .
أنظمة ديمقراطية تؤمن بأن الوصول إلى سدة الحكم يأتي عبر صناديق الإقتراع، من خلال برامج تنموية محورها الإنسان وغايتها خدمة الاوطان ، لذلك لا تلجأ لهندسة النتائج ومصادرة الحريات .
حمى الله الأردن واحة أمن واستقرار، وعلى أرضه ما يستحق الحياة .
احمد عبدالفتاح الكايد ابو هزيم/ ناشط وكاتب أردني .