الابتكار والمدن الذكية في فضاءات الرقمنة
د. أميرة يوسف ظاهر
15-05-2023 06:34 PM
بات الابتكار صانع للتحول والتغيير باستحداث ما هو جديد وصانع للحياة المستدامة التي ترفض الجمود والركود، وتستدعي التطور والتجدد بعيدا عن التجذر في الواقع والتقوقع حول الوضع القائم؛ إذ ينتج ويحول ويقدم خدمات مختلفة تساعدنا على البقاء وتحسين صحتنا ورفاهيتنا، وزيادة الإنتاجية والكفاءة في حياتنا اليومية، وقد أصبحت الحاجة ملحة للابتكار الإبداعي المنتج في ضوء تقدم العلم والتكنولوجيا بطريقة غير مسبوقة، وبزمن يكاد يصبح ماض في وقت قصير في ظل توالي المستجدات والنواتج التكنولوجية التي تصنع تغييرات جذرية في واقع الحياة التي نعيشها في عالم افتراضي؛ خاصة مع بدء تحول المدن إلى مدن ذكية تقوم على التقنيات الجديدة ساعية لدفع النمو الاقتصادي من خلال تطوير المصانع الذكية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وأتمتة العمليات، وتجريب المنتجات وتجويدها لزيادة الإنتاج وخفض التكاليف، كما وتعمل على تحسين نوعية الحياة لمواطنيها وتوفير المعلومات وكيفية استهلاكها، وإجراء المعاملات الرسمية والقانونية والتجارية وغيرها، وتقديم الخدمات الأساسية وخدمات التواصل الشبكي محليا وإقليميا وعالميا، وفتح أفق وعوالم إبداعية وإمكانيات غير محدودة تتيح الاندماج الفاعل والتعلم، وتحسين العلاجات الصحية والطبية من خلال زيادة القدرة على تحقيق نتائج أسرع باستخدام معلومات عن الجينات والبروتينات الخاصة بشخص ما للوقاية من المرض أو تشخيصه أو علاجه، وتسليم الأدوية، وطباعة الأعضاء ثلاثية الأبعاد وبالتالي تحسين الحياة الصحية.
كما وتسعى لتحسين مهامها والإسهام في حل مشكلات الكوكب، مستشرفة التكنولوجيات وإنترنت الأشياء التي أصبحت جزءا أساسيا في منازلنا، واستخدام أجهزة الاستشعار وتحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين استخدام الطاقة وتدفق حركة المرور، وإدارة النفايات بتكنولوجيات تعمل على إعادة التدوير الذي يلبي جزء من احتياجاتنا للطاقة بطرق أقل تأثيرا على البيئة، وغيرها من الخدمات لزيادة الكفاءة، وتمكين المجتمعات المترابطة القائمة على المرونة واستخدام أكثر كفاءة لإدارة الموارد والطاقة لحماية النظم البيئة والموارد الطبيعية والحفاظ عليها، مثل: الزراعة الدقيقة والاستشعار عن بعد والهندسة الحيوية وغيرها على نحو مستدام.
وابتكار واحد فذ قادر على إقامة اقتصاد دولة بأكملها ونموها نموا منافسا على المستوى العالمي، كمثل ما يحدثه ناتج تكنولوجي توليدي كالذكاء الاصطناعي التوليدي و Chat GPT أو Brad وغيره من ابتكارات الرقمنة، التي من شأنها تقديم تكنولوجيات اقتصاد جديدة تعمل على تحقيق وفر ومردود يصب في الدخل القومي، وينعش ويدعم الاقتصاد بشكل ريادي وقد يحل واحدة من أكبر المشكلات كالبطالة أو المديونية وغيرها، كما أنه قادر على توليد حلول ابداعية ونواتج ابتكارية من شأنها حل مشكلات تخشاها البشرية قاطبة كتوفير الغذاء بطرق ريادية وأقل استنزافا، عدا عن قدرة الابتكارات والنواتج التكنولوجية والذكاء الاصطناعي على التفوق بتقديم حلول للتحديات التي تواجه الكوكب ومنها انبعاثات الكربون والحد من تغير المناخ وشح الموارد الطبيعية وغيرها؛ من خلال استثمار مصادر الطاقة المتجددة الأكثر كفاءة وفعالية ذات التكلفة المنخفضة: كطاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية. إن فوائد العلم والتكنولوجيا تجعل حياتنا أفضل كل يوم.
ويبقى لنا أن نسأل:
ما هي السياسات التي تدعم الاقتصاد الرقمي وتستثمر في العقل البشري وتجعل من الابتكار ونواتجه محرك الاستثمار وآلة التنمية؟
ومتى وكيف سيتم تحقيق ابتكارات قادرة على وضع مدننا على خارطة العصر الرقمي وجغرافيا التنمية المستدامة؟
وكم هي الحاجة إلى مساعي لإنشاء اقتصادات رقمية قائمة على الابتكار تسهم في التنمية والتصدي للتحديات الماثلة على المستويات المحلية والعالمية؟