مؤسسات المعارضة هي مؤسسات سياسية وهي وسيلة من وسائل الحفاظ على السلم والسلام المجتمعي وضرورة لاستقرار النظام واستمراره وعندما يغيب صوت المعارضة يعلو صوت الرصاص كما قال ابراهام لينك كولن، بل وذهب بعض الساسة الى ضرورة احترام مؤسسات المعارضة والحفاظ عليها مهابة الجانب ولم تنشأ دول قوية ديمقراطية حقيقية الا نتاج صراع الاضداد والاضداد هنا هم المعارضة والموالاة وفي دول العالم الثالث تم استنفاذ طاقة البلاد بجهود الحكومات واجهزتها المتوالية ومحاولتها لتحجيم المعارضة وانهاء دورها مما ادى الى تخلف هذه الدول سياسياً واقتصادياً وصحياً وتعليمياً, حيث انفردت الموالاة بالحكم دون حسيب او رقيب مما ادى الى الإفلاس المادي والمعنوي والبنيوي لهذه الدول, الى ان ادركت متأخرا ان المعارضة السياسية تعد مرتكزا جوهرياً لا يمكن اغفاله او التغاضي عنه في النظم السياسية الساعية لتحقيق النمو والرخاء لبلدانها ومواطنيها وضمان الأمن والسلم المجتمعي وصولاً الى الديمقراطية الحقيقية التي لا يمكن لها ان تكون بدون المعارضة حيث اصبحت المعارضة مؤشراً على رقي الانظمة السياسية وفعالية السلطات .
ولا يقتصر دور المعارضة على التنبيه للأخطاء وتصحيحها وطرح البدائل، بل شاركت في الحكم وانفردت في كثير من الدول وحققت معجزات كما اصبحت المعارضة ايضاً مرتكزاً اساسياً من مرتكزات الانظمة النيابية البرلمانية التي تحافظ على فعالية النظام السياسي وشرعيته، واذا ارادت الدولة الاردنية ديمقراطية حقيقية فلا بد من التعددية الحزبية ولا تعددية حزبية بدون احزاب المعارضة لان وجودها يؤدي الى خلق النخب السياسية وتمهيد الطريق لدخول عناصر جديدة في العمل السياسي، حيث تعمل على ابراز قدارتها واعدادها لتولي المناصب قيادية مما يحد من استمرار النخب التقليدية في الحكم وما جلبته من كوارث في اطار سياسة تدوير المسئولين الكارثية ولا ننسى دور المعارضة في إلقاء الضوء على عمل المسئول وإبراز أخطاءه وتوجيهه في طرح البدائل .
كما أن من حق المعارضة ان تتمتع بسقف من الحرية لأن الحرية والديمقراطية متلازمتان ولا تستقيم المعارضة بدونهما, وان حرية التعبير وحرية التنظيم وحرية الحصول على المعلومة حريات اساسية لقيام مؤسسات المعارضة الايجابية حيث ان المعارضة هي حكومة الظل فهي تتابع كل ما يحصل في البلاد في شتى الميادين وفي كل دواوين ووزارات وهيئات وإدارات الدولة وتعد هذه الحريات إضافة الى المساواة الدعامات الرئيسية للنظام الديمقراطي .
وعليه فإن أحزاب المعارضة مؤسسات دستورية تعمل مع مؤسسات المولاة كتف بكتف لبناء الوطن، فلماذا في الأردن تعمد الحكومات وأجهزتها الى شيطنة احزاب المعارضة؟ وهي الاحزاب.
الحقيقية على الساحة فللحكومة واجهزتها جوقة كافية من المصفقين, فهل تستكثر على الأردن ان يكون فيها حزبان او ثلاث احزاب لديها الجرأة والكفاءة لنقد أداء الحكومات وتقديم البدائل وقدره على إدارة البلاد في حال سمح لها بالوصول للسلطة .
قرأنا في الآونة الأخيرة عن شيطنة حزب الشراكة والانقاذ واستمعنا الى الأمين العام وبعض شخوص الحزب وهم يجئرون بالشكوى مما يلقاه الحزب من الاعتقال والترهيب والطلب من الأعضاء الاستقالة وترك الحزب فهل يصح هذا يا دولة الرئيس أن تواصل أجهزتكم سياساتها في تزوير ارادة الأمة ومصادرة حريات الناس في الانضمام للأحزاب التي يرون في أفكارها وبرامجها تقارباً واتساقاً مع أمالهم؟! وانتم ترون ما وصلت اليه البلاد والعباد نتاج سياستكم الكارثية .
إن حزب الشراكة والإنقاذ من اهم الأحزاب العاملة على الساحة من حيث الأهداف والرؤى والأفكار والشخوص، فهل تريدونها دكاكين مفاتيحها في جيوب الأمناء العامين يستخدمونها مكاتب لإدارة إعمالهم الخاصة بما تنفقه الحكومة من مبالغ على هذه الأحزاب .
أما آن للحكومات ان تصحوا؟ اذا صح ان هناك حكومات تعمل لمصلحة الاردن. .
كفوا عن شيطنة الأحزاب الوطنية ودعوها لرسالتها واسمحوا بهامش المعارضة لتطلق طاقاتها في تصحيح البلاد التي أنهكتها سياستكم الكارثية .
يكفي ما لديكم من أحزاب تسبح بحمدكم ليل نهار وقد ثبت أن المعارضة المستأنسة لم تعد كافية لتصدير صورة ديمقراطية عن الأردن وانتم تشهدون تراجع البلاد في التقييم العالمي للأداء في كافة المجالات عدا عن السخط الشعبي والحالة الكارثية للبلاد .