عارف باشا، الحوراني الذي يغيب ..
د. نضال القطامين
15-05-2023 08:28 AM
هو مثل كل أبناء حوران الذين التصقوا بالأرض، وأعملوها حراثة وحصادا، إنغمسوا بالتراب وأنبتوا منه قمحا وورود، حتى إذا استوت لهم الحياة، خرجوا على ظهور الخيل جنودا ومعلمين.
من البارحة، تلك المتكئة على أكتاف حوران إلى ربة عمون عمّان، نشأ ابن الزعيم سعد العلي جنديا وطبيبا، لقد زهّبه والده بمبادىء المجلس الإداري التشريعي وأنشأه على قواعد حكومة عجلون العربية، فأنجبت أسرة سعد العلي البطاينة، شهيدا عربيا في تخوم ليبيا نجيب الحوراني وقد التحق برفاق عمر المختار في ثورتهم ضد المستعمر، وقامة وطنية باسقة في امتداد المملكة الهاشمية الباشا عارف، فضلا عن فرسان ونبلاء من الأبناء والأحفاد.
ومثل كل الجنود الذين وهبوا هاماتهم فدى للوطن ولترابه، فقد وهب فقيد الوطن حياته في خدمة الناس، طبيبا ومديرا للخدمات الطبية ووزيرا للصحة وعضوا في مجلس الأعيان، فيما سجل بصمات واضحة في تطوير المنظومة العلاجية والصحية، وغرس بذارا قويمة فيها، لقد كان ابن أبيه في كل مفاصل حياته، شهما نبيلا.
اليوم نسجل التعازي بالفقيد الكبير، ونستذكر مناقبه الكبيرة، ونقول له لم تمت أيها النبيل، لقد غرست في هذه الحياة بذار النبل والكرم والطيب، ونعرف أنك الأردني اللصيق بأرضه وترابه، لم تتبدل أخلاقك ولم تتحوّل، ولقد كنت وستبقى ميراثنا العتيق وثمرة يانعة لبيت العروبة والقومية، وأقول لمعالي الأخ الكبير علاء أنك ابن أبيك وجدك، وإننا إذ ننعى الأب الكبير فإنما نعزي أنفسنا ونعزي الوطن، وأن ما تركه آباؤنا من ميراث عروبي ووطني نقي، هو ما نحفل به ونحتفل، ذاك أنهم كانوا زعماء بالفطرة وقادة ورؤساء وحكماء.
أيْ فقيد حوران وفقيد الوطن، ترحل والأمة تلملم جراحها، ترحل والقتلة يولغون في دماء العرب ولا يكتفون، ترحل لتلحق برفاقك، أولئك الذين سئموا كل هذه الطعنات فغفت عيونهم بعدما تعبت منهم القلوب والأجساد.. لروحك الرحمات ولك المجد، ولكل أهلك ومحبيك التعازي والمواساة.