في ندوة سلطية بامتياز، بحضور شخصيات سلطية مهمة، يمكنها أن تشكل حكومات وبرلمانات و"أعيانات" سلطية أفضل من معظم القيادات السابقة! وهذا المستوى له دلالة تقود إلى أن الحكومة نجحت في إغراء شخصيات للدخول في الأحزاب على ذات أمل أو لهفة وعد! شارك في الندوة:

د . روان الحياري حزب الميثاق

م. مراد العضايلة، جبهة. العمل الإسلامي.

م. عدنان السواعير، المدني الديموقراطي.

وأدار الندوة د أيمن الحياري، أيضًا حزب الميثاق.

كانت السلط أمس تتحدث بلغة جديدة، لا بعث ولا شيوعيين ولا يسار ولا قوميين ولا حتى إسلاميين!، "السلط بتتكلم ميثاق"، ولا شيء غير الميثاق!!

لم يقدم المنتدون فكرًا مختلفًا، حتى أن العضايلة لم يذكر كلمة إسلام في مداخلته الأولى! -قد أكون مبالغًا- فالهم الوطني هو ما جمع بين ثلاثتهم.

وما يلفت الانتباه هو ما قدمه الجمهور "المهندَس" أيضًا والممتليء حماسة ميثاقية قوية ذكرتني بحشود حزب العهد التي تكاثرت طمعًا في منصب أو خوفًا من إبعادها عن منصب! إلى أن أطاحت الدولة بالعهد فهجره جميع "أنصاره"!

ولم يأتِ أحد- وفق وعيي- على ذكر فلسطين وأحداث غزة غير عدنان السواعير الذي بدأ بتحية غزة ومقاومتها!!!

واللقطات الخمس التي التقطتها:

١- حضور العشائرية، حيث كان من المفروض حضاريًا وحداثيًا أن تبدأ السيدة الدكتورة روان أولًا، هكذا قال أحد الحضور، ولكن سرعان ما أسكته كثيرون قائلين: روان "معزّبة" ما بصير تبدأ، أسكتوها وأسكتوني، وبدأوا بالرجال الرجال غير "المعزبين".

وفي مداخلتي قلت: روان ليست موجودة بصفتها سلطية! إنها مساعدة أمين عام حزب الميثاق!

وقد كان هذا كافيًا لأن تبدأ روان أولًا في إجابة ومناقشة أسئلة الجمهور وبذلك تم تصحيح الموقف!

٢- قال السواعير: تنعّم الإخوان وتنعنعوا في حضن الدولة خلافًا لما واجهته أحزابنا القومية واليسارية من قمع استقرّ في الوعي الجمعي الأردني، وخلق حاجزًا بين الشعب وبين الحزبية!

أجاب العضايلة: ألا تشاهدون ما تعرض له الإسلاميون من قمع حالي؟ كل همّ الدولة أن تهندس أمور المسرح بما يحبط الإسلاميين، ويحدّ من تأثيرهم!

قد يكون العضايلة محقّا في ذلك، مع أني أرى أن مزايا الإسلاميين الرسمية من مؤسسات، وأفكار وقيم دينية، وأسلمات، والسماح بغزوات فنية وسينمائية، وتماثيل "ومنع الجينزات المشقوقة" وتشجيع انتشار القيم والمظاهر الدينية، كلها تصب في خانة الإسلاميين، وتوفر لهم بيئة خصبة للنمو! وبرأيي الدولة تضيّق عليهم الخناق كقوة خطِرَة مهدِّدة، كما فعلت بالعهد، لكنها تطلق يدهم في المجتمع لكي يمنعوا أي قوة يبسارية أو قومية بالنمو، وهذا موضوع كبير يستحق بحثًا أو مقالة على الأقل!

٣-علّق أحد الحضور على تخوف الناس من الأحزاب بطرافة عميقة جدًا قائلًا: لماذا تخشون الأحزاب؟ هل يعجبكم الوضع الحالي بدون أحزاب! ألا تلاحظون الخراب؟ لن تجد الأحزاب بعد نموها ما تخرّبه!

وكأني به يقول بل قال فعلًا: "مَهي خربانة خربانة"!! خلينا نجرّب الأحزاب، فلن تجد أمامها ما تعبث به!!

٤- كان حضور الميثاق طاغيًا بغياب أي إسلامي أو مدني، مما يشير إلى مهارتهم في الحشد!

كان ٩٥٪؜ من المتداخلين ميثاقيين، ولكنهم لم يقدموا أي فكرٍ ميثاقي، فلا وحدة في الخطاب الميثاقي وربما لا وجود لهذا الخطاب.

أعزو نجاح الحشد الميثاقي إلى مهارات د. روان وقوة تأثيرها.

٥- أثار معالي محمود الخرابشة قضية دستورية حول صلاحيات الملك في اختيار رئيس الوزراء حيث يعطيه الدستور الحق الكامل في تشكيل الحكومات وحلّها مما يجعل أمر الحكومة الحزبية مشكوكًا به، فالدستور لا يتحدث عن ذلك!

الندوة ممتعة تعايش فيها الوطني والإسلامي والمدني على المنصة وانفرد الميثاق بالجمهور!

تحية إلى السلط ومنتدياتها الثقافية.