كتبت مقالتي الأولى في الثقافة الحزبية، وضرورة ترسيخها، فجاءني رد شخصي غاضب من صديق أحترمه استدعى فيه كل المفردات الوطنية والعائلية، والوطن، والملك، والشهادة، والشهداء، والريف الأردني، واللباس المستعار، وسلسل كل ما فعلته ولم أفعله بما يصلح أن يكون فيلمًا دراميُا، لقد أعطى صديقي لخصومي ذخيرة غنية، ومتى كانت هذه مهمة الأصدقاء ! كتب صديقي:
معظم مفردات الاستعلاء والإقصاء وقلة الاحترام، وكأنه يخوض معي أم المعارك!! نكون أو لا نكون! مقالة صديقي أوضحت لي أنني بحاجة للكتابة ثانية عن الثقافة الحزبية، والسلوك الحزبي، طبعًا ليس من الضروري أن تكون حزبيًا جديدًا أو قديمًا لتدرك قواعد السلوك الحزبي!
الإنسان الحزبي هو إنسان حركي فاعل قرّر أن يتصدى مع "رفاق" له لتحمل مسؤوليته في بناء الوطن؛ معتقدًا أن العمل الجمعي، أو في فريق من"الرفاق" هو أكثر فاعلية ونجاعة من العمل الفردي!
إذن؛ الحزبي رفيق، وهذا يعني أنه أنيس خلوق، قرر التخلي عن جزءٍ من مشاعره وأفكاره وأرائه طوعًا ليتوافق مع مبادىء حزبه، ويسلك باتجاه تحقيق أهداف الحزب، أو العمل وفق اجتهادات الحزب، أو على الأقل بما لا يتعارض مع الحزب. طبعًا ليس مطلوبًا من الحزبي التخلى عن هويته العشائرية، ففي الهوية العشائرية والهوية الحزبية مشتركات الوطن والانتماء والأخلاق والدستور وغيرها. والحزب-أي حزب- يسعى لتحرير أعضائه من كل العنعنات والشرود بعيدًا عن أخلاق الحزب.
طبعًا المطلوب من الحزب إذابة المصالح الفردية والنفعية وتوجيهها لمصلحة الحزب، وهذا لا يعني مصادرة حرية الحزبي، فالحزبي يعبر عن رأيه واختلافه داخل الحزب، ففي كل حزب تنوع فكري وموقفي: يسار ويمين ووسط، لكن خارج الحزب يكون ملتزمًا بما يقرره الحزب!
عودة إلى صديقي الحزبي،
شجعني ما كتبه عني عن تكثيف دعوتي لمناهج تشجع التفكير الناقد وكشف المغالطات، شجعني على الدعوة إلى تدريس المنطق، والأخلاق والحوار، والتواصل واحترام الآخر، والبعد عن الشتيمة،
ما أحوج مناهجنا التعليمية والحزبية إلى تعليم التسامح، وحل المشكلات وعدم استخدام العنف اللفظي الذي يتقنه كثير من الأردنيين الحزبيين مع الأسف.
تعلمت من مقالة الصديق أن لا أستخدم لغة غير مهذبة، وأن لا أرد على تهم الإساءة. وأن الحزبي الجيد والإنسان الجيد لا يحتكر الوطن له، وأن لا يفتح وطنًا على حسابه!
وكما قال المطرب التونسي:
خذوا المناصب وخلولنا الوطن!
وأنا أقول: كونوا أعيانًا ووزراء وحكومات حزبية مهندسة،
واتركوا لي فرصة أن أرى وطني بعيدًا عن الوطن المنفعة!
وربما لي وطني ولكم وطنكم !!