الحكومة أمام الثقة .. لماذا هذا الفوز الكبير؟
سلطان الحطاب
24-12-2010 01:15 PM
أكتب قبل إحصاء عدد مانحي الثقة لحكومة سمير الرفاعي من النواب وقد يسجل الرفاعي النسبة الأعلى في حصد الثقة من أي حكومة سابقة وكمراقب لمضمون الخطاب النيابي وجدته أكثر رشداً وتعقلاً وأبعد عن الإستعراضية وأكثر التقاطاً للقضايا الوطنية والعامة، ولاحظت كيف تغير الخطاب في شكله من العام 1989 حيث استؤنفت الحياة النيابية وبين الخطاب 2010 فقد غابت الإنفعالات وغاب اهتمام الجمهور بكثير من الهوامش وحتى المعطيات التي كانت تشد الإنتباه..
ما الذي تغير؟ ولماذا يحصد الرفاعي هذا الكم الكبير من أصوات الثقة؟..هل بسبب الأداء أم بسبب غياب المعارضة التي قاطعت الإنتخابات ام بسبب التحول في الظروف السياسية والإجتماعية والذي أدى إلى معرفة الواقع والتعامل معه بموضوعية ووعي وتقدير ضرورات الدولة وهي تسعى من خلال السلطة التنفيذية (الحكومة) لإعادة انتاج واقع يحافظ على التوازن ويمنع المزيد من السلبيات ضمن «قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المنافع»..!!
جاء الرفاعي إلى موقعه وقد كانت التوقعات من حكومته متواضعة ولكنه استطاع بعد فترة وجيزة رفع سقف التوقعات كما جاء في نتائج استطلاعات ابرزها استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية..وكانت المؤشرات عكس ما كانت عليه الحكومات السابقة التي تأتي بتوقعات عالية ثم لا تلبث أن تهبط بسرعة..
اذن يسجل لهذه الحكومة أنها مع الوقت ترتفع الأمل بها وتكسب أكثر وما التصويت بالثقة عليها إلا مؤشر وأعتقد ان سبب ذلك انها لم ترسم الواقع (قمره وربيع) ولم تعد (بالمن والسلوى) ولم (تدق يدها على صدرها) وانما قدمت الواقع كما هو بشفافية وتعاطت معه على قاعدة تغييره لا القفز فوقه وبصرت بالمخاطر وكشفت عن العجز على قاعدة معالجته وقد فعلت الكثير وحققت النتائج الإيجابية وما زالت تسعى..
قدمت للجهود برنامجا من سبع نقاط ووضعت له سقفاً وعتبة وراحت تخصم منه بالإنجاز وقد نجحت في أحيان كثيرة ولكنها أصرت على المواصلة والإمساك بالبرنامج الذي لم تطوره أو تضعه في الأدراج وأعادت انتاج هذا البرنامج حين جدد الملك ثقته برئيس الوزراء وكلفه مرة أخرى بتشكيل الحكومة فاستأنفت من حيث بدأ التشكيل لتواصل البرنامج الذي عرض له بإسهاب رئيس الوزراء عشية البدء بمناقشات النواب لهذا البرنامج الذي وقعت عليه المناقشات بنسبة 80% وقد لفت ذلك انتباه الرئيس الذي كان في اعتقادي أكثر رؤساء الحكومات قدرة على المتابعة والتركيز وتدوين الملاحظات والإلتزام بالجلوس في مقعده أمام النواب الذين كان يتناقص أعدادهم من تحت القبة بصورة ملفتة..
هذه حكومة تحترم مجلس النواب وأعتقد ان المجلس بالتصويت لها على هذه النسبة العالية يحترمها.. فقد جاء ايقاع المجلس يحمل قواسم مشتركة عالية مع برنامج الحكومة وجاء احتفاء الحكومة بملاحظات النواب عالياً أيضاً ولم تتخلل العلاقة صفقات ومقايضات كما كان يحدث ولم تطل مراكز قوى برؤوسها فقد جرى تعشيب الساحة البرلمانية منذ حل المجلس ليأتي مجلس جديد معظمه من الشباب او الجدد الذين يزيدون عن (70) نائباً..
هناك نفس جديد وتوجه جديد وامساك بالتوجيه الملكي، لقد اختفت بورصة المزايدات والإمتيازات ليقوم في خطاب السادة النواب أنفسهم ما يسقط ذلك ويدعو لعمل شفاف ستكون العلاقة بين الحكومة والمجلس محكومة باعتبارات واضحة وقيم ومدونة ترتقي بأداء الطرفين ولن تكون هناك مساحات معتمة إلا بمقدار وجود خطوط تحفظ استقلالية السلطات..
حان الوقت للكف عن مهاجمة مجلس النواب كمجلس كما كان يحدث سابقاً حين كان يُحرض على المجلس كمؤسسة مع حق نقد ممارسات أو خطاب أي نائب وحان الوقت لاصطفاف الصحافة إلى جانب المجلس لوجود شراكة بينهما وهما صفة الرقابة وحان الوقت لمدونة جديدة كالتي ضبطت الاعلام إلى حد معقول ووضعت أسساً جديدة في التعامل وذلك بين الحكومة والمجلس..
هذا المجلس في اعتقادي سيحمل بذور التغيير التي ستثمر بشكل واضح في المجلس القادم (17) خاصة وأنه سيشَرع لقانون انتخاب دائم وجديد يترجم التوجه الملكي ورغبة الجمهور وسيعمل على التمهيد لحياة نيابية وشراكة أفضل وقدرة رئيس المجلس ومكتبه الدائم الوصول إلى علاقة أكثر وضوحاً ومصلحة وطنية مع الحكومة..
alhattabsultan@gmail.com
الراي.