أتعبنا أنفسنا ونحن نتحدث عن الفساد في القطاع العام وربمابالغنا كثيرا، متغاضين عن حجم الفساد في مساحات واسعة في القطاع الخاص، خذ مثلا قصة بعض الشركات في قطاع المساهمة العامة، وقبل الشروع بالحديث عن هذا النوع من الشركات وجب التنويه الى امتلاك السوق الأردني مئات الشركات الناجحة ذات الإدارات المؤتمنة على أموال المساهمين، وتحقق أرباحا كبيرة تدعم من خلالها الخزينة العامة من بوابة الضريبة، كذلك حملة الأسهم وتشارك بفاعلية في تشغيل الايدي العاملة في المقابل، هناك شركات عامة تتسلط على أموال المساهمين و"تتعطف" عليهم بفتات الأرباح، هذا إن وزعت أرباح في الأصل،ناهيك عن عقد الهيئات العامة بشكل صوري.. وقد تكون قد حققت ربحا ضخما وهذا التقطير على حملة الأسهم أصحاب الشركة الحقيقيين يكون بالتوازي مع مئات الآلاف من المبالغ التي تصرف على رواتب الإدارات العليا، فيكون راتب رئيس مجلس الإدارة عشرة آلاف، وكذلك المدير العام وأعضاء مجلس الإدارة الذين يتقاضون عن عضويتهم ما لا يقل عن ألفي إلى ثلاثة آلاف دينار مقابل جلسة كل شهر ، ناهيك عن الامتيازات الأخرى كالسيارات الفخمة وبدلات السفر والضيافة والعمل الإضافي والمكاتب الفارهة، وهذا موجود بالفعل على أرض الواقع، وأمام أعين الجميع، ويدفع ثمنه المساهم المسكين الذي وضع مدخراته في شركة ما حتى يؤمن لنفسه ولعائلته دخلا بنهاية العام يسدد جزءا من مصاريفه، ولكن في حالات كثيرة يكتشف أنه كان يتوهم.

أمام هذا الواقع الذي يسيء إلى صورة شركات المساهمة العامة في الأردن والتي تعتبر دعامة قوية وأساسية للاقتصاد الوطني، السؤال المطروح: لماذا لا يتم التدخل لحماية أموال المساهمين في هذه الشركات، وقد صنفت أموالها أموالا عامة، وهذا يعني أنه يجب إخضاعها لمؤسسات الرقابة المعنية، وعلى رأسها ديوان المحاسبة، حتى تنشأ سلسلة ضمانة لأموال الناس وحمايتها من عمليات الهدر من قبل بعض الإدارات غير المسؤولة وغير المؤتمنة على أموال المساهمين.

فقد بات من الضروري وضع شركات المساهمة العامة تحت الرقابة المباشرة، حتى يتم الحفاظ على سمعة شركات كثيرة محترمة في هذا القطاع، وألا نجعل صور القليل المشوهة تطغى على الصورة المشرقة لهذا القطاع الهام.

لماذا لا يتم تحديد رواتب رؤساء مجلس الإدارة بسقف؟ مع التنويه أن صندوق استثمار أموال الضمان قد حدد رواتب رؤساء مجالس الإدارات الذين يمثلونه بهذه الشركات بسقف ألفي دينار، وهذه خطوة جيدة على صعيد ضبط الصرف في الشركات العامة، كما يجب يجب ضبط المصاريف التي تسميها بعض مجالس الإدارات مصاريف عامة و تحت هذا البند يتم الهدر الحقيقي، ويتم صرف ملايين الدنانير والتي ربما تسبب الخسارة للشركة في نهاية العام، و يكون الخاسر الوحيد في المعادلة هو حامل الأسهم الذي ينتظر أرباحه في نهاية العام على أحر من الجمر ويصدم عندما يرى أن هذه الأرباح ما هي إلا دنانير معدودة لا تسمن ولا تغني عن حاجة.

يجب إعادة النظر بهذا الواقع لكثير من شركات المساهمة العامة لضبط أدائها ومصاريفها حتى يشعر المواطن حامل السهم أن أمواله بالحفظ والصون وتحت رقابة المؤسسات الرقابية المعنية، كما لا بد من التنويه مرة أخرى أن كثيرا من الأحيان، الفساد في جزء من القطاع الخاص يفوق ذلك الفساد في القطاع العام بكثير..