ترجل الباشا الفارس والمعلم ابو علاء
د ابراهيم الهنداوي
10-05-2023 12:38 PM
تحضرني الذكريات واي ذكريات برحيلك ايها الفارس المقدام.. وانا أقف على أبواب و ذكريات الماضي وأي ذكريات..
ذكريات حفرت في القلوب ونسخت في العقول شموخا وحبا واحتراما لمن كان على رأس خدماتنا الطبية العسكرية مديرا واستاذا وجراحا مبدعا لمهنة ولا أرقى ولمؤسسة عسكرية طبية ولا احلى كانت الماسة المتألقة دوما في الابداع والريادة الطبية في وطني الحبيب الاردن، ففي ريعان الشباب وعند تخرجي كطبيب فتي وفي ريعان الشباب من جامعة الاسكندرية بمصر وكان عمري اربعة وعشرون سنة ونيف، كانت الخدمات الطبية الملكية العسكرية و الانضمام لها هي مهوى الشغف والهدف.. هي الطموح و الشموخ.. هي الابداع والانتماء والارتقاء لما يحقق ذاتنا وصيرورتنا وحرفية الطب وخدمة للوطن والمواطن.. واي وطن؟.. وطن غرس في قناعات قناعاتنا الذاتية ومن قبل أهلنا وعزوتنا انه وطن ليس كأي وطن لشعب ليس كأي شعب..
فكان قرار من لدن قناعتي الذاتيه وبدعم من الاهل بالتوجه الى الخدمة العسكرية النظامية من خلال السعي للانتساب الى مدرسة الرجولة والطب والابداع... فتم تحديد موعد للأطباء حديثي التخرج لامتحان واي امتحان.. امتحان كان له هيبة ووجلا.. امتحان يقيم به الطبيب طبيا نظريا وعمليا.. وشخصيا وأداء... فكان اللقاء الأول مع نخبة من المستشارين العمداء.. الذين يمثلون اللجنة الفنية الطبية في الخدمات الطبية الملكية وهم ثلاثة لا رابع لهم.. كان على رأسهم طبيب شاب ذو شخصية مميزة تعلو محياه الصرامة والوقار تزين صدره الاوسمة وتعلو كتفيه رتبة العميد.. انه الباشا عارف البطاينة، قابلني وزملائي الاثني عشر في بداية التجنيد وايضا عند اختياري للتخصص في مجال جراحة النسائية والتوليد..
كان ديدن ومحور سؤاله في الامتحان للقبول في الجيش في العلم والطب وكثير من التقييم النفسي وسبر غور لذاتي وبقناعتي بدراسة الطب ولا زلت اتذكر سؤاله البدهي لي.. لماذا درست الطب؟؟ سؤال هو السهل الممتنع.. سؤال له ما بعده من فهم وكينونة النفس ورصد للقناعات إضاءة على الماضي والحاضر وسبر غور الطموح لمعرفة المستقبل..
نعم لقد كان الباشا د. عارف البطاينة، فارسا محبا طبيبا بارعا و محترفا وعسكريا فذا احب وطنه وناسه.. تألق في الجراحه وعمل لمؤسسته العسكرية في خدماتنا الطبية الملكية العريقة التي نحب الكثير الكثير..بنى لها وبها واعلى البنيان.. ستبقى ايها الاستاذ و المعلم الكبير في ذاكرتنا معلما فذا وقائدا ونبراسا للخير، وكيف لا وقد كانت حتى مناسباتنا وجلساتنا في مضافتنا تستحضر عظيم عملك واخلاصك من لدن من احبوك..
الان وقد ترجلت لتلتحق بكوكبة من الرجال الرحال وبرفيقك الذي أحببت العم ذوقان وغيرهم الكثير.. ادعو الله ان يتقبلك في عليين في جنة عرضها السموات والأرض، فرحمة الله عليك وانا لله وانا اليه راجعون.