كانت الأهرامات الوسيلة الوحيدة لإظهار الترف والغنى، إنها القبور التي شيدها الاف العبيد بالعمل الشاق مقابل قدحين من البيرة يوميا، ثم أن الأمر استغرق اربعة الاف عام لتأخذ الأهرامات شكلا مختلفا، شركات عملاقة يشيدها مليارات البشر مقابل الإدمان الرقمي بدلاً من البيرة.
من منصات إسقاط الإنظمة إلى منابر متخصصة بالنقد الذاتي، هذا ما وصلت إليه مواقع التواصل الإجتماعي، انها جواب للمشتركين عن معاناتهم، وأفكاراً لا تتجاوز حدود أصحابها، هي إنعكاس داخلي لمرآة الأنا عندما يجيب أحدنا على سؤال الروبوت : بماذا تفكر؟..
ما يعتقده الآخرون قضية مشتركة بما ننشره يعكس مشكلة مع أنفسنا، الحكم والمواعظ تعبر عن عجزنا في تطبيقها، والإرشادات والنصائح تبوح بعدم تعاطينا معها ، والإساءة والتجريح تعود على ذاكرتنا المليئة بالتجارب المريرة.
أقترح تشييد منصة تواصل اجتماعي بعنوان (الوورك بوك), بحيث يكون كل ما تنشره مختص بالعمل فقط، إطعام قطة مثلا، زيارة مريض، تحمل جزء من تكاليف معيشة أسرة فقيرة، دفع رسوم جامعية ليتيم، مساعدة عينية لأرملة، قضاء يوم بخدمة مسن أو عاجز، أقصد تشييد منصة تعكس فكرة مختلفة وشيء عملي بدلاً من الحكم والنصائح.
قد يعجبكم هذا الإقتراح، ولكن ماذا لو أخبرتكم بأنه بلا معنى، ويعكس تدهور مستوى ال IQ عندي، وأنني بطرحها أشبه سلحفاة دخلت سباق فورمولا وان ، وأقسم أن هذه هي الحقيقة، ولا أقول ذلك بهدف النقد الذاتي.
مثل هذه الفكرة لا تختلف عن إقتراح عامل قبل أربعة الاف عام بتحويل هذا الجهد ببناء قبر عملاق إلى شيء مفيد لأكثر عدد من الناس، وأن الفكرة المرحب بها حالياً هي تشييد منصات جديدة تتقاضى الأجر على الإدمان الرقمي!.