ذكاء روبوتات وشبح البطالة
بسمة العواملة
09-05-2023 08:20 AM
طالعتنا الاخبار منذ ايام بخبر إستقالة جيري هينتون عالم الكمبيوتر والأب الروحي للذكاء الإصطناعي من عمله في كبرى الشركات العالمية، وكانت إستقالته تلك بهدف التحدث للعالم بحرية عن المخاطر والاضرار الجسيمة التي سيتسبب بها الذكاء الاصطناعي من خلال الخوارزميات والروبوتات على مستقبل الإنسانية و البشرية، بل حتى إنه ابدى ندمه الشديد على مشاركته في تطوير الأبحاث العديدة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي .
لعل هذا يذكرنا بالعالم السويدي الفريد نوبل مخترع وصانع الديناميت، الذي ما ان عرف بأن الديناميت الذي اخترعه قد استخدم في أشد الحروب فتكاً وفي قتل وإزهاق ارواح الأبرياء.
فما كان منه إلا أن اوصى قبيل وفاته بجزء كبير من ثروته الطائلة تمنح كجوائز سنوية لاكثر الاشخاص إفادة للبشرية من خلال تقديمهم لأبحاث في مجال الطب والأدب، الكيمياء والإقتصاد، وقد أضيف اليها لاحقاً جائزة السلام والتي تمنح للافراد الذين يقدمون أفضل الاعمال بهدف تخفيض الجيوش والحفاظ على السلام العالمي وتعزيزه وبالتالي تحقيق التآخي بين الأمم.
ولعل نظرة سريعة على مدى التسارع الحاصل في أتمتة النكنولوجيا والهندسة الوراثية وغيرها من جوانب التطور الهائل في هذه التقنيات، يخلق لدينا تحدي هائل في ظل ما نشاهده من إحلال كثير من الوظائف بالروبوتات التي خلقت آفاق تقدم هائل ولكن بالمقابل هذا الإحلال سيؤثر بشكل كبير على كثير من القطاعات والوظائف والذي سينعكس بدوره على ارتفاع مستويات وارقام البطالة والذي سودي بطبيعة الحال الى خلل في المستوى الطبقي .
بحيث يؤدي الى تجمع الثروة في يد شريحة صغيرة قادرة على الإستفادة من تقدم هذه التقنيات وتسخيرها لتحقيق مزيد من الذكاء القوة و الثراء، في المقابل ستكون الشريحة العظمى غير قادرة على مواكبة هذا التطور والتمتع بمزاياه، والذي سيخلق بطبيعة الحال كنتيجة حتمية إنعدام المساواة ومزيد من المنافسة على الموارد .
وجميعنا يعلم ماهية الصراع الذي سينشب في ظل احساس السواد الأعظم بإنعدام المساواة، الذي يخلق حالة من الشعور بإنعدام الأمان والكفاية وبالتالي الحرمان من تحقيق مستوى مقبول من الدخل ، وما يترتب على هذا الشعور الذي سيولد بيئة حاضنة للكراهية والتطرف، وخاصة ممن هم من فئة الشباب الذن ستتلقفهم الجماعات المتطرفة للزج بهم في عمليات العنف والإرهاب من خلال تجنيدهم بهذه الجماعات الارهابية بعدة وسائل، ولعل ابسطها واقربها عن طريق وسائل الإتصال الحديثة وعبر وسائل السوشل ميديا بكافة تطبيقاتها .
أمام انبهارنا الهائل في تقدم الذكاء الإصطناعي و في ما نشهده من ثورة في عالم الروبوت ، و تشجيعنا منقطع النظير لشبابنا من أجل دراسة هذه التخصصات الحديثة و مواكبة التقدم العلمي في هذا المجال ، ماذا اعددنا بالمقابل من خطط و برامج لضمان إدماج و إنخراط فئة الشباب في هذه الآفاق الرحبة ، و ضمان خلق فرص عمل تحاكي هذا التطور.
وأخيراً، هل يكون لجامعاتنا الدور الأكبر من خلال إغلاق التخصصات الراكدة و إستبدالها بالتخصصات المواكبة للعصر الرقمي ، لضمان عدم ترك أي أحد خلف الركب تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة؟ ، نتمنى ذلك .