الأحزاب السياسية في الأردن بين أروقة الضغوطات وباحات الطموحات
حاتم القرعان
08-05-2023 08:26 PM
رغم صعوبة العبث بمفهوم الأحزاب قديماً ، وجمود كلمة " الحزب " والمعتقدات التي ترتبط لزاماً إذا ما مرّت على مسامع الأردنيين ، من حالة الخوف والإبتعاد وكي الذّهن بالنيران ، إلى البحث عن تطبيقها السليم اليوم ، وإيجادها واقعاً برامجياً فاعلاً ، وكانت إنطلاقتها بمفهومها ورسائلها الحديثة منذ تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية برئاسة دولة السيد سمير الرفاعي ، فقدّمت برامجها ومخططاتها على رؤى جلالة الملك لتحقيق التغيير السياسي المطلوب بما يتناسب مع المئوية الثانية للمملكة الأردنية الهاشمية ، لتكن تلك الأحزاب بوابة للأردنيين للمشاركة في القرار السياسي والإقتصادي الذي يؤثر في مستقبلهم .
حملت الأوراق النقاشية لجلالة الملك عدة محاور حملت بمضمونها حكومة الظل ، والحكومات البرلمانية النابعة من أحزاب برامجية فاعلة ، قادرة على تحقيق مشاريع سياسية وإقتصادية تؤثر إيجاباً في الحياة الديمقراطية والمجتمع الأردني ، مع أهمية وجود المعارضة الصادقة المنزهة عن اي اغراءات او املاءات خارجية .وذلك في سبيل مأسسة الحياة الديمقراطية في الأردن إنطلاقاً من مبادئ الحرية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ، وتمثيل منتسبي الأحزاب وأفكارهم داخل المجالس النيابية المنتخبة داخل قبة البرلمان .
بين الطموح والخوف …
أورد الكاتب الدكتور أحمد أبو غنيمة إبن الكاتب والمفكّر الإسلامي الكبير الراحل زياد أبو غنيمة على صفحته على السوشيال ميديا ، منشوراً كتب فيه " الرفاعي مدين باعتذارين " ، الأول للشعب الأردني بسبب النسبة التي أظهرها إستطلاع رأي بأن ١٪ من الأردنيين يفكرون بالإنتساب للأحزاب ويعزي هذه النسبة لعدم نجاح الندوات والمؤتمرات التي عقدتها لجنة التحديث للترويج لنتائج أعمالها ، والإعتذار الثاني لكوادر وقيادات حزب " الشراكة والإنقاذ " الذي يتعرض لمضايقات من أجهزة مختلفة وشعاره " كلنا الوطن " ، لإعتبار أنه ما يتعرض له هذا الحزب مخالفاً للمادة التي أقرتها لجنة التحديث بعدم التعرض لمنتسبي الأحزاب بالتضييق أو الملاحقة .
هذا ما يعبّر عن وقفات الأردنيين إزاء ما يتعرّض له هذا الحزب ، القديم الجديد ، بأعماله الباحث عن إعادة الهيكلة والتمكين بما يتناسب مع قانون الأحزاب السياسية الجديد المقرر من اللجنة الملكية للتحديث السياسي ، وتعود منطقية المخاوف التي يحملها الأردنيين تجاه هذه المضايقات والتضييق ، حالة " صحيّة " وطبيعية ترافق الإهتمام بمفهوم الأحزاب الجديد ، وخوفاً منهم العودة إلى دائرة " العرقلة "على الأحزاب ومنتسبيها قديماً ..!
إثر ذلك ، جاء الرّد من نائب رئيس مجلس الأعيان دولة السيد سمير الرفاعي ، ورئيس اللجنة الملكية للتحديث السياسي ، إستهل حديثه بالشكر على الرسالة ، وتحدّث أن اللجنة أنهت أعمالها وقدمت مخرجاتها وإنتهى دورها ، مع ذلك " كلنا مسؤولون عن إنجاح ما أراده جلالة الملك وما يستحقه الأردنيون والأردن " .
وشملت رسالته تفصيلاً وافياً لحياة الأحزاب السياسية في الأردن ، منذ التغيير الجذري الفردي والثقافي والمؤسسي وصولاً إلى مصاف الطموحات السياسية والإقتصادية للأردن وأهله ، إذ أنه من الضروري تذليل العقبات التي تواجه الشباب وهي البوابة المشرعة للأفكار وإعطائهم فرصة المشاركة .
دولة الرفاعي ، أثبت نجاعة موقفه ، بمرونة وذكاء سياسي ، وضع المهمة على عاتق كل أردني ، إذا ما أراد الأردن تحقيق أهداف التحديث السياسي ، وكان بالقرب من المطلب الشعبي للبحث عن التغيير وبناء الآفاق السياسية المنشودة ، ولأنه كان بالقرب من كل القوى السياسية والحزبية لم ينخرط بأي حزب ، من باب النزاهة وأهمية المرحلة ، لكي لا تخدم مكانته في اللجنة أحزاباً دون أُخرى .
من معتقد شخصي ، أرى فكرة الأحزاب تلامس نجاحاً وطنياً برؤى جلالة الملك ، وبصمات دولة الرفاعي واللجنة الملكية ، ووجود بعض المنعطفات أمام بعض الأحزاب يثبت أنها ليست ديكوراً بل مشروعاً سياسياً حقيقياً ، وإن عملية التضييق من أي جهاز أمني أو جماعات بمخططات مدروسة لإيقاف حزب برامجي بعيد كل البعد عن هدم الوطن ومقدراته ، قضية مشبوهة أرادت بالأردن وأهله شراً فإحذروهم .
حفظ الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك عبدالله بن الحسين وولي عهده الأمين.