في ذكرى وفاة "سدين معان وكريمها"
د.سطام زهير الخطيب
08-05-2023 01:00 PM
لا نستذكر اليوم رجلا عاديا أو شخصا عابرا أو حتى أحد رموز الوطن، بل نستذكر كريما بالفطرة، قيما على ثوابت معان التي كنا نراها مسحة من نور في وجنته، وكلاما دافئ في لسانه.
نستذكر أبا ياسر الذي على مثله تبكي الرجال، وعلى فقدانه تصمت معان وترتدي ثوب الحزن والانكسار.
عندما يرحل العظماء تنقص الأرض من أطرافها، وتنطفئ منارة كبرى كانت ترسل إشعاعات خيرها ونورها في ربوع العالمين، عندما يرحل العظماء تنفطر لذهابهم القلوب،،، فهم حماة القيم وبعض ما بقى لدينا من مباديء وتقاليد.
أقف هنا بمشاعر عميقة تشتعل فيها الحسرة والألم في موقع رثاء رجل بأمة، وفارس ترجل عن صهوة الموقف، وصولات ستفتقد حضوره الذي كان يثير في أنفسنا الرضا، وعطاء لم يميز فيه على أسس جهوية أو عشائرية أو عصبية قبيحة.
رجل أحيا فينا تلك المشاعر التي نتلمس من خلالها دروبنا التي تعاني الوحشة مما داهمنا من تغريب وتحلل قيمي وعقدي في زمن الحداثة الزائف، رجل عمل ليل نهار لخدمة قضايا مدينته التي تنكر لدورها القريب والبعيد، وشهدت من بعض أبنائها ردة عن المبادئ الناصعة والمعاني الجميلة.
أبا ياسر واحد ممن يشبهوننا، ممن يشبهون نخيل معان الباسق، ممن منحتهم هذه الارض شمائل وحبتهم بقدرات وطاقات ارتقت بهم إلى قمة المجد وذرى العمل والتضحية والعطاء.
يا أبا ياسر، يا فجيعة معان ومصابها الجلل، رحلت عزيزا وكريما في ليلة السابع والعشرين من رمضان، وكأن رحيلك يحمل بعض العزاء لنا، وكأن اللحظة مناسبة لنصدق فيها الدعاء لك بأن يتغمدك العلي القدير بواسع رحمته ويسكنك فسيح جناته وأن يمنحنا من بعدك الصبر على هذا الفراق.