"الغياب الجماعي" وإجراءات وزارة التربية والتعليم
فيصل تايه
08-05-2023 11:47 AM
سبق وأكدت وزارة التربية والتعليم انها وضعت حلولاً إجرائية للحد من ظاهرة "الغياب الجماعي" غير المبرر ، والتي تتكرر في بعض المدارس عند بداية العام الدراسي أو عند اقتراب الامتحانات الفصلية أو في مواسم معينة ، خاصة قبيل العطل والأعياد وفي رمضان ، فقد تمثل هذه الظاهرة مشكلة تسبب نوعاً من الهدر التربوي ، وتظهر بصفة جلية في المرحلة الثانوية ، حيث اتخذت الوزارة مؤخرا إجراءات مشددة لمواجهتها ، ذلك بتوجيه مدراء التربية الى ضرورة ايجاد معالجات تربوية توعوية وإرشادية مناسبة ، مع أهمية تفعيل دور مدير المدرسة والمشرف التربوي في ذلك لضبط العملية التعليمية ، من خلال تطبيق أسس النجاح والإكمال والرسوب المعمول بها ضمن تعليمات الدوام ، مع المتابعة والمساءلة المستمرة التي تؤدي إلى نتائج علاجية ناجعة ، فعلى الرغم من انها "كظاهرة" تعاني منها دول كثيرة ، الا انها ما زالت تؤثر في العملية التعليمية واستقرارها ، والسؤال الذي يطرح نفسه ، هل تضع اجراءات وزارة التربية والتعليم المشددة نهاية لتفشي هذه الظاهرة التي تمثل مشكلة دائمة للمجتمع المدرسي .
ان آراء التربويين والقائمين على الشأن التعليمي تجتمع على أن "الغياب الجماعي" ظاهرة قديمة متجددة ، الأمر الذي جعل منها مشكلة مزمنة في العديد من المدارس ، وترجع أسبابها لعدة عوامل ، من أهمها قلة التعاون بين البيت والمدرسة ، وسماح أولياء أمور الطلاب لأبنائهم بالغياب ، لاعتقادهم أن دور المدرسة ينتهي إلى حد معين ، اضافة ان ازدياد ظاهرة الدروس الخصوصية ، وعمالة الأطفال ، كلها دوافع مدعاة لتفاقم هذه المشكلة ، ما سبب عند الطلاب اللامبالاة وعدم احترام النظام ، وادت إلى تفشي ظاهرة اتفاق الطلبة على الغياب الجماعي من خلال تواصلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ، إضافة إلى القصور في نشر التوعية بأهمية الانتظام في الدوام المدرسي ، وعدم وجود اهتمام فعلي من جانب بعض الإدارات المدرسية بمتابعة مواظبة دوام الطلبة .
ان من المؤكد ان توجيهات الوزارة بضرورة تشديد الرقابة لتقليص حالات الغياب غير المبرر في المدارس ، والبحث عن سبل فعالة لمواظبة الطلبة وانتظامهم ، يحتاج الى تقوية التواصل بين كافة الأطراف ، خاصة في تعميق الصلات بين المدرسة والأسرة ، وتعزيز انتماء الطالب لمدرسته كي تكون المدرسة بيئة جاذبه ومشجعة ومحفزة ، ما يحتاج بالتأكيد الى تعاون كافة المتداخلين في العملية التعليمية ، وهذا يحتاج بالضرورة الى تفعيل الأنشطة المدرسية الطلابية التي تشجع الطلبة على مواصلة مسيرة التعلم ، وهذا يدعونا الى التأكيد إلى ضرورة صياغة برامج توعوية فاعلة للطلاب وأولياء أمورهم ، باشراك مختصين من مختلف الجهات والمؤسسات التربويه ، ما يلزم أهمية عمل ورش عمل توعوية لبحث أسباب هذه الظاهرة في كل مدرسة ، ويشارك فيها أولياء الأمور والطلبة أنفسهم ، مع تفعيل استخدام لائحة السلوك لتطبيق التعليمات على الطلبة المخالفين ، اضافة للدور الإيجابي التوجيهي الفاعل للإرشاد الطلابي .
اننا ونحن نبحث هذا الموضوع فاننا نتوسم بالمعلمين " فرسان الميدان" الخير ، حيث لا بد من عودة دور المعلم التربوي في غرس القيم والأخلاق في نفوس الطلاب ، فهو من يتمتع بشخصية مؤثرة قادرة على الإقناع ، وحين يكون متمكناً من مادته العلمية وقادراً على توصيل المعلومة إلى الطالب بأسلوب سهل ومواكباً لمتغيرات العصر ، ما يكسب طلبته الشغف والاستمالة ، وينتظرون حصصه بحب وشوق كبير ، وبذلك فأنه يقدم خدمة وطنية إلى مجتمعه بتخرج مواطن متعلم صالح وشخصية ناجحة في الحياة ، وفي قناعتي فان المعلم وحده الذي يمكن له إثراء البيئة المدرسية بالأنشطة والفعاليات المشوقة للطلبة لتشجعهم على حب واحترام الدوام المدرسي ، اضافة الى دور مديري المدارس في دعم معلميهم في هذا الاتجاه ، فهم الجزء الهام من المجتمع التربوي ، اضافة للمتابعة المستمرة التي تحد بشكل كبير من الظاهرة ، ما يستدعي ، تضافر كافة الجهود المخلصة للقضاء عليها.
بقي التأكيد مرة أخرى على الدور الكبير للمدرسة في تحديد العوامل الكامنة وراء غياب الطلاب بالاعتماد في التعامل مع تلك العوامل على البحوث النفسية والاجتماعية ، والعودة إلى الحاضنة الاساسية وهي الأسرة لما تلعبه من دور مهم في انتظام الأبناء في الدوام المدرسي ، فمن الضرورة بمكان عقد لقاءات دورية لأولياء الأمور ، لتعريفهم بحقوق الطلاب وواجباتهم، وطرق تقويمهم، وقواعد الانتظام المدرسي وما يرتبط بتلك القواعد ، وكذلك عقد ندوات واجتماعات دورية بشأن توعيتهم بأهمية الانضباط المدرسي ، وأهمية متابعتهم لانتظام أبنائهم في المدرسة، ومتابعة أدائهم المدرسي ، اضافة إلى الاعتماد على وسائل اتصال متنوعة مع أولياء أمور الطلاب بشأن انتظام ابنائهم ، وكذلك يمكن تنظيم زيارات منزلية مجدولة لهؤلاء الطلاب من قبل المعلمين والإخصائيين لمساعدتهم ولتقديم الدعم والعلاج النفس اجتماعي والمعنوي .