في ملف الإعلام .. الحل «هيئة عليا للإعلام»
محمد ابوسماقة
18-07-2007 03:00 AM
مرة اخرى يعاد الحديث عن ازمة الاعلام في الاردن واقول ازمة لانها بالفعل ازمة وفي هذا الاطار اقدم رأيا سبق ان قدمته عندما جاءت الحكومة الحالية وتحدثت عن ملف الاعلام: فالحديث عن ملف الإعلام في الأردن أصبح كمن يحرث في البحر، فمنذ أكثر من عامين ونحن نقرا هنا وهناك ونكتب ويكتب زملاء كثر حول هذا الملف وتعاقبت أكثر من حكومة وكلها تضع في سلم أولوياتها ملف الإعلام وتحت اطر وعناوين كثيرة منها إعادة هيكلة مؤسسات الإعلام وإعادة تنظيم قطاع الإعلام ودمج المؤسسات الإعلامية والكثير من العناوين.
ونذكر انه في اللقاءات التشاورية التي كانت تجرى ما بين كل رئيس وزراء وأعضاء مجلس النواب ومؤسسات المجتمع المدني والأسرة الصحفية والإعلامية تم طرح قضية تعدد المؤسسات الإعلامية الرسمية وعدم وجود وزارة او هيئة مسؤولة عن تلك المؤسسات: فالملف الإعلامي مدار بحث وحديث مستمر على كافة المستويات ومن أكثر الملفات المحلية بروزا لدى كل الحكومات السابقة. ونقول بصراحة ان جلالة الملك عبدالله الثاني ، أول من أشار إلى ضرورة تطوير الإعلام الأردني وقدم جلالته رؤيته الخاصة تجاه هذا الموضوع ، ولو تم الأخذ بها لكان واقع الإعلام في حال أفضل مما هو عليه الآن.
الاجراءات والخطوات التي اتخذت لم تحقق النتائج ولم تبلغ الرؤية الصحيحة في إدارة ملف تطوير ومأسسة الإعلام الأردني ولم تتوصل إلى تحديد إشكالية العلاقة ما بين إعلام الدولة وإعلام الحكومة وان التحول نحو إعلام الدولة يحتاج إلى رؤية لتطوير المؤسسات الإعلامية ليس من حيث الجوانب الإدارية ومجالس إداراتها وإنما في الدور والوظيفة والمهام وبأسس علمية مهنية تراعي كافة الأبعاد الوطنية لمأسسة الإعلام الأردني والخروج بالرؤية المطلوبة تجاه الإعلام الذي يخدم أهداف المصلحة الوطنية العليا للدولة الأردنية ، فقد آن الأوان لإيجاد الحل المناسب للملف الإعلامي وان لا تبقيه بمثابة أزمة مفتوحة تتداخل أبوابها مع نوافذها وننتظر قرارات من شانها أن تضع العربة بشكلها الصحيح خلف الحصان وليس أمامه أو على ظهره ، فالأزمة في الملف الإعلامي ليست في الهيكل الشكلي لوسائل ومؤسسات الإعلام بقدر ما هي أزمة في الخطاب الإعلامي وفي الأداء الإعلامي أيضا ، فالواقع الراهن للاعلام الأردني بحاجة إلى وقفة فاصلة ومؤثرة ولا بد من وجود جهاز يرسم السياسات الإعلامية ويعمل على تطوير أداء الإعلام مضمونا ورسالة وليس تغيير الإدارات أو إعادة تشكيل هياكل جديدة.
من هنا وحتى لا يكون الحل من خلال عودة وزارة للإعلام وإنما صيغة مناسبة بهدف إحداث النقلة المطلوبة لمؤسسات الاعلام وضمن شراكة بين القطاعين العام والخاص اذا ما نظرنا لمؤسسات القطاع الخاص من وسائل إعلام مرئية ومسموعة ومقروءة والمؤسسات الإعلامية الحكومية والتي تتوزع على وكالة الأنباء ودائرة المطبوعات والنشر وهيئة المرئي والمسموع ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون والمركز الأردني للإعلام والمجلس الأعلى للإعلام، بحيث يتم إنشاء مؤسسة واحدة ولتكن "الهيئة العليا للإعلام" وتدار من خلال مجلس مفوضين على غرار المفوضيات والهيئات الأخرى ويرأسها مسؤول بدرجة وزير وتضم مفوضين بحيث يكون كل مفوض هو الشخص المسؤول الأول عن كل مؤسسة إعلامية تتبع للهيئة وان يضم مجلس المفوضين ممثلين عن مؤسسات الإعلام في القطاع الخاص احدهما ممثل للصحف واخر ممثل لمؤسسات الإعلام المرئي والمسموع ، وبهذا يتجسد مفهوم الشراكة الوطنية بين القطاعين العام والخاص في إدارة الملف الإعلامي.
* الكاتب مستشار اعلامي لوزيرة التخطيط.