صُناع المحتوى من الفكاهة إلى الريادة
علي سليمان الحديثات
07-05-2023 11:04 PM
تتفق كل العلوم التربوية والاجتماعية أن العادات السلوكية تنبع من منظومة متكاملة تجمع بين الدين والأخلاق والقيم والعادات والتقاليد، وهي التي تحدّد السلوكيات التي يجب أن نتمسك بها ونتزين بها في المجتمع، وعدم تجاوز منطلقات هذه المنظومة الدينية والقيمية والتطاول عليها من خلال اتباع قيم دخيلة لا تتوافق مع العادات والتقاليد والأعراف والدين والقيم الاصيلة.
لا أنكر ان التغيرات المتسارعة (الاجتماعية، التكنولوجية، الاقتصادية) كان لها الدور الكبير في التأثير على المجتمع من خلال ممارسة سلوكيات دخيلة على المجتمع والتأثر في الثقافة الغربية المنفتحة بلا حدود حتى باتت الفرصة مناسبة لأبنائنا لتبني تلك القيم الدخيلة على المجتمع.
يشهد المجتمع الأردني حملة شرسة تجاوزت الخطوط الحمراء للقيم الأخلاقية التي رسمها لنا ديننا الحنيف من جهة والخروج عن الأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية التي ترعرعنا عليها من جهة أخرى، فأضحى صناع المحتوى الفكاهي الهزيل غزو يجتاح القيم الاصيلة وبدأ يدق ناقوس الخطر ومسمار في نعش مستقبل الجيل الناشئ/ الشباب، تلك الثقافة الدخيلة على مجتمعنا الأردني المتماسك وبترحيب واسع من فئة الشباب وبدعم الجهات الرسمية والخاصة لصناع المحتوى الرقمي الهزيل واستضافاتهم كمؤثرين اجتماعيين في الوقت الذي يهمش فيه الشاب الأردني صاحب الفكرة الإبداعية وصاحب براءة الاختراع وعدم تبني أفكارهم التي ستعود بالخير على المجتمع الأردني، لا سيما هنالك الكثير من الطاقات والكفاءات وأصحاب براءات الاختراع الأردنية تتقاسمهم دول أخرى سعياً للاستفادة من تلك الطاقات بما ينعكس إيجاباً على مجتمعات تلك الدول في مختلف المجالات الحياتية، فهم مرغمين رغم حبهم للوطن إلا أن نسيج ابداعهم مُزق في وطنهم الأم، فهاجروا رغماً عنهم يبحثون عن وطن يحتضنهم وأفكارهم الإبداعية بما يعيل عائلاتهم وتأمين لقمة العيش الكريمة لهم...
من المسؤول عن ذلك الخطر الذي يحدق بنا من كل صوب واتجاه، من يتحمل العقبات التي ستفرزها فئة صناع المحتوى الهزيل والتي ستلقي بشباكها المسمومة على قيمنا الاصيلة!! لماذا غياب الجهات الرسمية والخاصة عن تبني واحتضان المواهب الإبداعية وأصحاب براءات الاختراع الأردنية، اين نحن من ذلك... لا شك انها مسؤولية مشتركة تلتقي فيها جميع الأطراف عن انتشار المحتوى الهزيل في مجتمعنا الأردني الأصيل، فالمتابع هو المسؤول بالدرجة الأولى وليس صانع المحتوى، فهو الأداة للترويج لذلك المحتوى، ومن هنا يأتي دور الاسرة ودور العبادة والمدرسة والجامعة لصقل واحتضان جيل يترعرع على قيمنا الاصيلة...
آن الأوان لوضع برنامج علاجي متكامل يشترك فيه جميع الأطراف للوقوف جلياً للتفكير في العواقب التي ستخلفها تلك الظاهرة التي اجتاحت قيمنا والبحث عن وسائل علاجية لإنقاذ فئة الشباب من عاصفة صناع المحتوى الهزيل حتى نحافظ على ما تبقى من القيم والضوابط والأعراف الاجتماعية (دستور الأردنيين).