اهي اتفاقات سلام ام اتفاقيات اطار لسلام سيأتي بعد حين ؟
بتوقيع 189 مطاردا على تعهد خطي بوقف مقاومة اسرائيل مقابل توقفها عن ملاحقتهم تكون الساطة الوطنية قد قدمت نموذجها الخاص بالسعي نحو اقامة "سلام".في الصراعات الكبرى تكون للخطوات السياسية مهما صغرت دلالاتها التي تصلح لقراءة مضامين الاشتباك السياسي والثقافي والاستراتيجي بين الطرفين المتصارعين ويستدل بها على العقلية التي يدار فيها الصراع على جانبيه.
في حدود إطلاعي لم يسبق لثورة أن طلبت إلى احد من عناصرها بان يوقع على تعهد بعدم مقاومة الاحتلال ، هذا في الثورات وهو نموذج لا يصلح للقياس على السلطة الوطنية الفلسطينية، لانها لم تعد ثورة حسب التعريف الكلاسيكي، كما لم يحصل ان قامت دولة بدفع فرد من رعاياها للتوقيع على تعهد مكتوب بعدم التعرض لامن دولة مجاورة ، وهذا سؤال استنكاري لا ينطبق ايضا على السلطة لانها ليست دولة ذات سيادة، لكن للتوقيعات دلالة تاريخية تتجاوز اللحظة العابرة لتنفذ نحو المضامين الكبرى للصراع.
هل نستنتج ان اسرائيل اضحت تتجه نحو توقيع اتفاق سلام مع كل فرد فلسطيني وها هي جمعت حتى الان 189 اتفاقية فردية من اصل سبعة ملايين معاهدة؟
هل يمكن قراءة توقف اسرائيل عن مطارة 189 ناشطا فلسطينيا بوصفه احدى الوسائلالمبتكرة لدعم سلطة الرئيس الفلسطيني، ام انه شكل من اشكال اعلان الاستقالة التاريخية من صراع اطول من العمر؟
لست في موقع يؤهلني ان انصح الاشقاء في الميدان فالمقاوم هو من يحدد شكل التحرك على الارض لكنني اناقش دلالات الحدث، دون ان اقع في محذور اهانة التضحيات الفلسطينية – لا سمح الله - فهل بهذه الوريقات تبنى الدول وهل بقي في جيب الرئيس وريقات اخرى تصلح للرمي على طاولة ما؟
لم يكن الامر برمته دعما للسلطة بقدر ما هو اقتراب باكثر مما تسمح ظروف الصراع واثبات – غير مبرر – للنوايا تجاه الاحتلال بحيث يتم تقديم نموذج محزن لمآل مشروع وطني صغر حتى كاد ان يضمحل.
القصة ليست تحريضا على رجل اسقط في يده، كما انها ليست دعوة عامة للانتحار لكنها ايضا ليست دعوة للقفز عن الاطر القيمية التي تشحن الانسان الفلسطيني بالحق وبان التاريخ يسير في ركاب حقه غير القابل للتصرف.
لم يعد بين عيني المقاتل الفتحاوي وعيون ريتا أي شيء يحجب الرؤية لكن ريتا هذه سوف تدير ظهرها لمقاتل احدودب ظهره وصارت البندقية تثقل خطواته واضحى يحفظ من الشعر اكثر مما يمتلك من رصاص.
أي هدية تقدمها الضفة لغزة؟ فهدية المسالم للمقاتل وردة وليس درس في التدرب على رسم التواقيع، واي نموذج يراد ان يقدم للعالم ؟ فحتى غاندي لو قيض له العيش في زمن الحرب على الارهاب لفخخ عنزته الوحيدة واحال اثدائها الى مولوتوف ؟
هل وصل الامر الى الدرجة التي تنفتح فيها الحالة الفلسطينية على صيغة مبتكرة قوامها التوقيع على سبعة ملايين معاهدة سلام؟ وكل فرد وشطارته في القدرة على التفاوض بهدف التخفيف من الثمن المدفوع لهذا السلام.
سأبقى متفائلا رغم كل شيء فالشعب الذي اضاف الى قواميس اللغات الحية مفردات جديدة نحتها بشظايا عظامه يستطيع ان يقلب الصفحة بما كتب فيها من تعهدات ليدشن مفردات جديدة على صفحة بيضاء بيضاء.
samizbedi@yahoo.com