المعلومة الرقمية التي نشرتّها الدائرة المعنية بارتفاع حالات الجنايات والجُنح التي تقع على الإنسان الأردني لعام (2022) مقارنة بالعدد للحالات المماثلة لعام (2021)، تستدعي هذه المعلومة التوّقف عندها، مؤسسات وأفراداً واختصاصيين، وبخاصة في العلوم الاجتماعية والتربوية والثقافية.
التوقف المطلوب عند عدد الحالات لعام (2021) فقد بلغت (1087) حالة، من قَتْل إلى إيذاء، وعددها (1256) لعام (2022).
معنى ذلك، أنّ ثمة خلَلَاّ في السلوك الاجتماعي الأردني، وفي أساليب التعامل مع القضايا الحياتية اليومية ما بين المواطنين في مجتمع حقق نسبة عالية في التعليم، ولو كميّا، ومستوى ثقافياً تدل مؤشرات عديدة على تحقيقه قدْراً كبيراً من التقدّم.
سادَ الاعتقاد بأن العلاقة ما بين مستوى التعليم والسلوك الاجتماعي العدواني علاقة تضادية طردية: فكلما ارتفع مستوى التعليم، بقيمه الأخلاقية والسلوكية الإيجابية، كلما انخفض معدل الظاهرة الإجرامية في المجتمع، فالتعليم عامل مضادّ للسلوك الإجرامي، وقد عبّر عن ذلك الكاتب (فكتور هيجو) بمقولته الشهيرة: إنّ تفْتجَ مدرسة يعادل إغلاق سجن.
أما البيئة الثقافية للمجتمع فلها أثرها على الأفراد، سلوكياً واجتماعيا، فقد تعددت واتّسعت مصادر الثقافة في المجتمع: الصحافة والإعلام بمختلف أنواعه، المرئي والمسموع والمقروء، إضافة لوسائط التواصل الاجتماعي، سرعة وِسِعَةَ انتشار.
ويضاف إلى ذلك مؤسسات التوجيه الديني والثقافي والديمقراطي، وإذا ما ضعفت أدوارها في نشر الوعي الثقافي، فأن تأثيرها يضعف أو يتضاءل في تعديل السلوك السلبي أو العدواني لدى الأفراد والجماعات.
إن ما يتمتع به المجتمع الأردني من نشر التعليم، مهما كان كميّا؛ ونشر الوعي الثقافي وبرامجه المتعددة، يبدو في حالة تناقض، وهذا التناقض يدعو المؤسسات التعليمية والثقافية والتوجيه الإعلامي وضع هذه الظاهرة، ظاهرة العنف وبخاصة الجرمي في أولويات سياساتها وبرامجها.