بحضور ممثلي كل الأنظمة السياسية في العالم بدون استثناء ووسط مراسم ملكية تحمل دلالة التتويج يشهد حي وست منستر اللندني حفل تتويج الملك تشارلز الثالث وهو الحي الذي يحمل رمزية الكنسية البروتستانتية عندما تم تشكيلها من (يانت باترك وسانت اندروا وسانت جورج ) في الألوان الأزرق والأحمر والأبيض كما يعنون هذا الحي البرلمان البريطانية ذو الرمزية الديمقراطية الأعرق عالمياً، وكما يشكل منطلق حال بيت القرار الأممي وهو ما يجعل من وست منستر يحمل رمزية ثلاثية كالتي يحملها هذا التتويج الذي يعد الحدث السياسي الأكبر بكل المقاييس .
ويتوقع الكثير من المراقبين أن يحمل السادس من أيار الذي يصادف اليوم فصلاً تاريخياً معنوناً بمفصل جديد بالمشهد السياسي العام وذلك نتيجة حالة التغير الذي سيطرأ على بيت القرار الأممي ومراكز التأثير فيه، لا سيما وان الرئاسة الجديدة التي يمثلها تتويج الملك تشارلز الثالث برواسيها الثلاثية ينتظر أن تكون مغايرة بسياساتها عن سابقاتها بالشكل كما بالمضمون العام .
ويتوقع سياسيون أن يسقط هذا التغيير بظلاله على السياسية المركزية للمراكز الرئيسيهة ب(3+1) وهي المراكز المشكلة لروافع بيت القرار الأممي في (ذا سيتي) حيث مركز السياسات كما في (ذي لاند) حيث مرجعية القرار وفى (منهاتن) حيث مركز الاقتصاد كما في (سيلكون فالي) حيث الصناعة المعرفية وهو التغيير الذي ينتظر لأن يحمل متغيرات سياسية عميقة في الجوهر الاستراتيجي كما بالفواصل السياسية التقديرية، وذلك بسبب حجم التغيير الذي يتوقع أن يطرأ على مرجعيه بيت القرار الأممي والذي اصبح بالمحصلة يميل تجاه الليبرالية المنضبطة على حساب الدينية المحافظة..
الأمر الذي يتوقع أن يكون له تأثير مباشر بالمسلكيات الثقافية الدارجة الناتجة عن مجموعة المبادىء والقيم وما شكلتها من عراف وهي الأرضية التي كانت استقرت عليها البشرية بطريقة او بأخرى طيلة المرحلة السابقة حيث كانت عناوينها ماطرة بالرسالة التي جاءت من وحي منطقة مهد الحضارات وهذا يعزيه المتابعين لمتغيرات الأرضية الثقافية التي ستصبح عقلانية صرفة بالطرح وواقعية لامورائية بالتصور وموضوعية علمية فى البيان وهي مناهج العمل التي تحكمها نماذج حسابات مرجعية بيت القرار الجديد . .
والتي يتوقع ألا تبتعد عن الأعراف التقليدية وتميل تجاه نماذج جديدة تقوم على الحداثة المعرفية بينما تندرج حساباتها على ارضية مشتركة تأخذ اللغة العصرية بالتواصل السمة الدالة بما يجعلها موحدة ويجعل من قوامها مغاير بنماذجه عن النماذج التي استقرت عليها البشرية بعد انتهاء الحرب الكبرى والتي عرفت بالحرب العالمية (الاولى والثانية) .
وهذا مرده لأسباب عدة منها ما يندرج بدخول الحواضن البشرية بالبيئة الافتراضية التي أصبحت تقود لغة التواصل وجسوره وهذا ما يجبر الجميع للتعاطي مع محيط تأثيره بمحتواه الثقافي ووسائل عناوينه، الأمر الذي يتوقع أن يؤثر بطريقة كبيرة على حركة التواصل الوجاهي وميزان الثقافة العامة مما يشكل توافقات تسهم بتوحيد المرجعية العقائدية كما تعمل على توحيد لغة التعليم وهذا من شأنه ايجاد أرضية مناسبة للحوار تقوم على تعزيز لغة التواصل بين البشر لتعمل جميعها من نافذة مشتركة واحدة .
وهذا ما سيجعل البشرية تنقسم بين اتجاهين احدهما ليبرالي التوجه يقوم على الحداثة والعصرية واخر تقليدي الطابع يحمل صبغة المنطلقات الشرقية الحضارية القادمة من منطقة مهد الحضارات، وهو ما يجعل العالم منقسم بين (اللاموارئية والروحانية ) وهو الواقع الذي يرجح الصدام الحضاري بين مشترك النماذج الحضارية الشرقية وما يحمله العالم الافتراضي من رياح تغيير قادرة على تحويل التصور لصورة انطباعية تحمل سمة حقيقية بكل معانيها .
ويأتي التتويج الملكي للملك تشارلز الثالث والعالم يدخل في الغرفة المعتمة التي تنذز بدخول البشرية بتطور مسرح العمليات العسكرية من معارك محدودة الى حرب مفتوحة بعد النتائج التى حملتها مجس السودان بين فاغنر الروسي وافروكوم الأمريكي والتي ينتظر أن تتحمل نتائجها اقتسام النفوذ والاستحواذ على (ذهب) دارفور بفصلها عما تبقى من السودان وحادثة استهداف الكرملين التي أخذت تسارع عملية وصول فتيل الاشتعال لتفجير الموقف العام.
كل هذا يأتي ضمن خطوات سريعة يمكن للقيادة الجديدة في بيت القرار الاممي التعاطي معها بالاستدراك او الدخول معها بحالة اشتباك، وهي النتيجة التي ستجعل من يوم التتويج يشكل مفصلاً تاريخياً وسياسياً هامّاً.