في ظل التطور الذي يعيشه العالم اليوم وخصوصاً التطور الذي يشهده عالم التكنولوجيا و الاتصالات التي جعلت من هذا العالم قرية صغيرة، وعملت على تمكين الأفراد من الوصول الى كل ما يحتاجونه بسرعة وسهولة وبأقل وقت، وأصبحت في متناول الجميع وجزء رئيسي من الممارسات اليومية التي يقومون بها في حياتهم ، فيعتبر هذا مهم ويعود بالفائدة الكبيرة على جميع الفئات في المجتمع من أجل تطوير اعمالهم و تجارتهم والانتقال من العالم التقليدي الى العالم الإلكتروني ، وعلى الرغم من الأهمية التي يقدمها التطور الذي يشهده عالم التكنولوجي والاتصالات ، إلا انه يقع علينا مسؤولية تتمثل بالممارسة الصحية مع هذا التطور والتعامل معه بحذر شديد من أجل تحقق غاياتنا واهدافنا بعيداً عن الخطأ أو الممارسة الخاطئة أو نكون عرضه للايقاع فيها.

حيث أنه وللأسف نجد اليوم أن هذا التطور وهذه البيئة أصبحت فرصة للممارسات التي من الممكن ان تضر بالافراد بدلاً من ان تنفعهم في حال استخدامها بشكل غير صحيح وخاطىء ، فهذا التطور اصبح يحتضن بعض الممارسات التي افسحت المجال للبعض من انتقال اعمالهم وممارساتهم الغير قانونية والغير صحيحة من النطاق التقليدي الذي كان يعتمد على اعمال وتصرفات عملية وجريئة من اجل ارتكابها، إلى نطاق التكنولوجيا والبيئة المتطورة التي سهلت كثيراً ارتكابها والوصول الى الضحية بأقل وقت وجهد ، بالاضافة الى ان الجرائم اصبحت تتطور مع هذا التطور وتأخذ حيز كبير فيه من أجل ان تتلائم معه وتتطور بتطوره.

وأن الجرائم التي كانت تقع في الواقع التقليدي أصبحت اليوم تقع في الواقع الالكتروني، مستغلين في ذلك جهل البعض بالأمور القانونية وعدم تمكن الأفراد من احتواء جميع الأمور المتعلقة بهذا التطور والقدرة على استخدامه، فكثرت جرائم الاحتيال المالي الالكتروني وسرقة الحسابات الالكترونية و هتك العرض الالكتروني وجرائم الذم والقدح والتحقير و التنمر الالكتروني واختراق المواقع والحسابات الشخصية ، ونشر الاشاعة ونقل الاخبار المغلوطة وغيرها من الجرائم التي أصبحت أورقة المحاكم تعج بها.

فالجهل بالقانون لا يعتبر عذراً والادعاء بعدم العلم بأنه هذا الفعل مجرم لا يعفي صاحبه من العقاب ، فالمشرع الاردني اليوم أخذ على عاتقه تطوير وتعديل القوانين واستحداث تشريعات ونصوص قانونية تتواكب مع الصور الجرمية التي ترتكب وتتلائم من التطور ، فهناك قانون الجرائم الالكترونية وقانون المعاملات الالكترونية وقانون الاتصالات والقوانين العامة التي أصبحت تحتوي في طياتها نصوص قانونية مجرمة للافعال" حيث انه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص".

واخيراً فأن المسؤولية التي تقع على عاتقنا هي توخي الحذر والدقة في معاملاتنا التي نجريها ونقوم بها، ويجب أن يكون لدينا الوعي الكامل بجميع الأطر القانونية التي تحكم ممارساتنا وافعالنا، وأن نحمي انفسنا من الاستغلال أو الاحيال من الذين يستغلون هذا التطور ، ونحمي انفسنا من الوقوع بالخطأ وارتكاب السلوكيات الجرمية التي من الممكن أن تقع دون معرفة منا أنها تحمل طابع التجريم أو أنها تشكل جريمة وبعد ذلك ندخل داخل القضبان ، فنوصي المشرع الاردني على تشديد العقوبات المتعلقة بهذا النوع من الجرائم ، وأن يستحدث نصوص قانونية صريحة على بعض الصور الجرمية المتعلقة بهذا الجانب، سألين الله أن يحمي هذا الوطن وأن يديم عليه الأمن والآمان وأن يبقى دائماً نحو التطور والازدهار .