مارجرجس عند المسيحيين أو "الخضر" المقدس
باسل جورج الزعمط
05-05-2023 07:11 PM
- أصل اسم مار جرجس - الخضر - الحارث
يصادف اليوم عيد مارجرجس ومعظم الناس في بلادنا يعتقدون ان اسم جورج او جرجس او جريس هو اسم اجنبي اوروبي يستعمله المسيحيون فقط لانه اسم قديس معروف باسم القديس مارجرجس او سانت جورج.
يعود اصل الحكاية الى العصر الروماني، حيث تقول القصة انه في مدينة بيروت، كان هناك تنين في مدخل نبع الماء وكان السكان يحاولون إخراج التنين لكي يستقوا من مياه النبع حيث كان المصدر الرئيس للماء في المدينة. ولكي يخرجوا التنين كانوا يوميا يضعون له خروف كغذاء، وعندما نفذت الخراف كانوا يضحون بشخص مختار. وحدث انه كانت الضحية أميرة محلية، وحينها تشفع والدها بالقديس جرجس فظهر مارجرجس وانقذ الاميرة بحيث يقوم بمقاتلة التنين متحاميا بالصليب، ثم يتغلب على التنين ويقتله محررا الأميرة. ولكي يظهر السكان امتنانهم اعتنقوا المسيحية.
ولعل التفسير الأدق للتنين في أيقونة مارجرجس هو الشيطان الذي يسحقه القديس جورجيوس الذي ولد في كبادوكيا وتوفي ودفن في اللد في القرن الثالث الميلادي وأما الأميرة التي تظهر في الصورة فهي زوجة الإمبراطور دقلديانوس التي اعتنقت المسيحية وأمر دقلديانوس بقطع رأسها.
يسمى خليج بيروت باسمه الى الان "خليج سانت جورج" وكلمة بيروت من الاصل الارامي جمع تكثير ل كلمة "بير" على وزن الكلمات مثل جبروت ملكوت و كهنوت ... وهذه الرواية المعتمدة. أما في روايات أخرى فيقال أن القصة نفسها حصلت في اللد في فلسطين ويعتقد انه دفن فيها.
وكان يُطلق على الرمح الذي قتل به جورج التنين عسقلان، على اسم مدينة عسقلان الفلسطينية القريبة من اللد وقد كانت كلمة السر ل تشرتشل في الحرب العالمية الثانية (اسكالون) نسبة الى رمح سانت جورج شفيع إنجلترا منذ ٨٠٠ عام ويطبع رسمه على الجنيه الانجليزي الذهب وعلم إنجلترا هو الصليب الاحمر الذي يتوسط علم المملكة المتحدة هو علم سانت جورج شفيع إنجلترا.
إيقونة القديس والتنين تعتبر رمز وطني لكثير من المدن ولدول كثيرة في العالم وكثير من الجيوش تمتلك أوسمة باسم القديس جيورجيوس تُعطى لمن يتفانى في خدمة البلاد والجيش. ويعتبر اسم جورج من الأسماء الشائعة في العديد من اللغات حول العالم، ويتميز بمعناه الذي يشير إلى العمل الجاد والمثابرة.
اصل اسم جورج يعود في اللغة اليونانية جيورجيوس، حيث يأتي من الاسم اليوناني "Γεώργιος" (Georgios) الذي يعني الحارث أو الفلاَّح أو الزرَّاع أو الكرَّام "العامل في الأرض". وتتكون من الكلمتين "γῆ" (geo) والتي تعني "الأرض" ;ومنها جيولوجيا التي تعني علم الارض، و"ἔργον" (ergon) والتي تعني "العمل" .
ورد الاسم في الأصل اليوناني للإنجيل على لسان السيد المسيح كما يلي: “أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرَّام" حيث تقابل لفظة الكرَّام” كلمة georgos جيورجوس في الأصل اليوناني, ولو اخذنا لغة السيد المسيح الارامية بالاعتبار, تكون الكلمة التي قالها السيد المسيح على الاغلب هي "الحارث".
في العودة الى الاصول, نجد ان اسم "الحارث" كان متداولا بكثرة في اسماء العرب قبل الاسلام وخصوصا في قبائل بلاد الشام العربية المسيحية وكذلك في اسماء ملوك الانباط الذين اطلقوا على انفسهم لقب الحارث فكان هناك الحارث الاول و الحارث الثاني. وكان العديد من الصحابة والتابعين في عصر النبوة يحملون اسم الحارث في اسماءهم او اسماء اباءهم حتى لا يكاد يخلو اسمه في تسلسل انسابهم.
وفي المعجم: حارث اسم علم مذكر وهو الذي يشق الارض بالمحراث لتتنفس وتُبذر وحارث المال جامعه وابو الحارث هي كنية للاسد لانه اقوى السباع على الاحتراث "الكسب".
ورد اسم الحارث في السجلات التاريخية قبل المسيحية في بلاد الشام كمرادف ولقب للسيد البعل باعتباره سيد الخصب والزراعة وهو من الناحية الرمزية الذي يحرث الحقول ويتعهدها بالسقاية عن طريق المطر (وما زال الاسم متداولا حتى الان للاراضي البعلية التي تعتمد على المطر) وكان يلقب بسيد المطر لان البرق يعلن مجيئه والرعد صوته والغيوم حصانه. وكذلك اطلق على الحارث لقب النعمان لانه يفيض بالنعم على الانسان.
ولما جاءت المسيحية نرى ان الثقافة المحلية في بلاد الشام اندمجت مع الايمان بالعقيدة الجديدة فصار الحارث هو القديس الفارس الذي يعتلي صهوة الحصان ليقتل الشيطان.
في النصوص اليونانية المبكرة نجد كلمة الحارث قد وردت كما هي بلفظ Aretas حيث يضاف ال S في نهاية الاسماء اليونانية (Aret = حارث) وعند البحث في اصول الكلمات يعتقد ان حارث تحولت الى جورجيوس كترجمة حرفية من العربية الى اليونانية.
أما عن تأويل الأصل في مماهاة القديس جيورجيوس (مار جرجس) بسيدنا الخضر في العربية فهو أنَّ الأرض لولا الحارث تبقى عديمة الحياة أو الخضرة، فهو الذي يخضر الأرض، ومنه أعطي اسم خضر الذي يكافئ لفظاً أسماء الحارث والكرَّام. والعديد من الكنائس والمزارات تسمى باسم الخضر في بلاد الشام نسبة له.
لا يزال الناس في بلادنا يحتفلون الى اليوم بعيد مار جرجس – الخضر – الحارث و هو يقع في الربيع / عودة الخصوبة الى الطبيعة / وكان يشترك في تكريمه المسيحيين والمسلمين في العديد من القرى وهو القديس الحارث الذي بدأ من بلادنا وانتشر بصيغته اليونانية الى كل لغات العالم و اصبح اسما عالميا.