حدث في مثل هذا اليوم أن هويت من السماء إلى أخفض بقعة في الأرض لاستقر جسدا ميت الروح بجوار البحر الميت لنكمل توأم الحزن ونزيد ملوحة الهواء، فأنا وهو ولدنا عندما سقطت علينا الأرض من السماء وكأننا كنا نقف على رؤوسنا، وعندما خسفت بنا الروح وعرفت الأرض لأول مرة طعم الملح، وتشبع الهواء بالأملاح وصار للحزن جسد وطعم ورائحة.
وللمصادفة في مثل هذا اليوم أيضا وفي ذات المكان، بعثت من قبر الحزن الذي يشبه علبة السردين، ونفضت ما علي من أملاح، وانطلقت نحو فضاء الفرح والسعادة، اضع على رأسي اكليل الغار، وتطير إلى جواري الحمائم والعصافير، تشدوا بألحانها العذبة، كان موكبا عظيما يحمل الفرح ويسير نحو الفرح، فلم أعد أعرف إن كان علي أن أحتفل في هذا التاريخ وهذا اليوم في كل عام بعيد مولدي أو عيد موتي أو عيد بعثي من جديد؟.
التواريخ ليست أكثر من علامات على جسد الأيام بعضها يمحى بسرعة وبعضها كالوشم يتطلب الخلاص منه عمليات لا تخلو من الألم، فليس بالضرورة أن تتشابه الأحداث بحلوها ومرها عندما تدخل وتخرج من ذات الباب الذي فتحه حارس التقويم وأمين عام الروزنامة، فأنا مت وعشت في ذات التاريخ فهل اخطأت الباب؟ أم تشابهت علي الأرقام؟
ومنذ هذه اللحظة سأفرح ولن أدع الذكريات تسحبني حيث تشاء، بل أنا من سيمتطي ظهر الفرح ولن أنزل عنه، سأفرح بكل شيء حولي ومن الآن قررت العودة إلى اسمي وأن أصبح اسما على مسمى، فأنا سعيد وسأكون سعيدا ولن ينال مني أي وضع كان، وكل من يعرفني يعرف مقدار العناد الذي أملك، سأفرح رغم كل الظروف ولن أعبس أبدا، فلن يزيد العبوس هيبتي ولن تنتقص الابتسامة منها.
وها أنا أعلن اليوم الثالث من أيار من كل عام يوما للفرح العالمي، أما بنسبة لي فهو بداية دهر من الفرح.
وكل عيد فرح وانتم فرحين ومسرورين وفي احسن حال.
وتعالوا معا نقارع الدنيا بالفرح والابتسامة ولندفن الحزن في بحرنا الميت الذي خلق في الأصل ليحمل عنا الأحزان ويخفيها بين أملاحه.
كل عيد فرح وانتم بخير.