2000 مليار من الدولارات المطبوعة
عبد المنعم عاكف الزعبي
22-12-2010 02:16 PM
من المتوقع ان يصل مبلغ الدولارات الامريكية المطبوعة لتحفيز الاقتصاد 2 ترليون دولار مع نهاية العام القادم. الجهة الوحيدة المخولة بخلق الدولارات الجديدة هي البنك الفيدرالي الامريكي " الفيديرال ريزيرف" من خلال ما يسمى يالتسهيل الكمي او "الطريقة الحديثة لطباعة العملة". حيث يقوم البنك الفيدرالي بشراء الاصول المالية من البنوك الامريكية مقابل اموال جديدة (مطبوعة) لم تكن موجودة اصلا. اما الاصول المالية المشتراة فمعظمها مما تملكه البنوك الامريكية من سندات الخزينة و الاصول العقارية المتعثرة.
لمثل هذا الاسلوب التحفيزي اثار ايجابية تطمح السلطات الامريكية الوصول اليها على المدى القصير و المتوسط، نستعرض تاليا اهمها:
اولا: توفير السيولة النقدية و تعظيمها لدى البنوك الامريكية ما يزيد من ملاءتها و قدرتها على التعاطي مع اي ازمة سيولة محتملة. هنا لا بد من تذكر الدور السلبي الذي لعبته ازمة السيولة المصرفية في تشكيل الازمة المالية العالمية.
ثانيا: تخفيض اسعار الفوائد على ادوات الدين العام الحكومي من سندات و اذونات خزينة. حيث ان زيادة الطلب على هذه الاصول من قبل البنك الفيدرالي يرفع من سعرها و يقلل من الفائدة المفروضة عليها. بالتالي، تنخفض تكلفة الاقتراض على الحكومة الامريكية و تنخفض اسعار الفوائد على القروض السكنية و العقارية. حيث ان معظم الفوائد على القروض السكنية و العقارية متغيرة ترتبط باسعار الفوائد على اذونات و سندات الخزينة الامريكية. غني عن الذكر ما لانخفاض اسعار فوائد هذه القروض من اثر ايجابي على المقترض الامريكي من جهة و على سوق العقار من جهة اخرى. لا ننسى طبعا ان جذور الازمة المالية العالمية تكمن في تعثر القروض السكنية و العقارية.
ثالثا: دعم اسواق الاسهم الامريكية و التي تتجاوب صعودا مع حزم التحفيز الاقتصادي و من ضمنها طباعة العملة. فالدولارات الجديدة تزيد من وتيرة النمو الاقتصادي و نسب التضخم ما ينعكس ايجابا على اسعار الاسهم. كما ان السيولة الفائضة لدى البنوك و سعر الفائدة المتدني عليها لا بد و ان يدفعها الى الاستثمارات الاكثر مخاطرة و من ضمنها اسواق الاسهم. كما يؤثر الارتفاع في اسواق الاسهم ايجابا على انفاق الفرد الامريكي و الذي يشكل 70% من الناتج المحلي الاجمالي للولايات المتحدة الامريكية.
رابعا: تخفيض سعر الدولار الامريكي امام العملات الرئيسية الاخرى. فعادة ما تزيد طباعة العملة من قلق المستثمرين حول قيمة العملة المطبوعة ما يخفض بالتالي من سعرها امام العملات المنافسة. اما الاستفادة التي يجنيها الاقتصاد الامريكي من انخفاض الدولار فتتعلق بتحفيز الصادرات الامريكية و تقليص عجزها التجاري مع شركائها التجاريين. كما يزيد انخفاض العملة من سعر المستوردات ما يشجع الفرد الامريكي على شراء المنتج المحلي داعما بذلك صناعته الوطنية.
خامسا: تشجيع البنوك الامريكية على الاقراض و منح الائتمان. فالسيولة المرتفعة و العائد المتدني عليها لا بد و ان يدفع البنوك الى استثمار سيولتها الفائضة في عمليات الاقراض و منح الائتمان الجديد بهدف تعظيم الربحية و توزيع السيولة. الا ان هذا الهدف يبدوا صعب المنال على المدى القصير بسبب استمرارية تراجع سوق العقار و نسب البطالة المرتفعة و تدني توقعات الدخل. كما ان المشكلة ليست فقط لدى البنوك، بل ان الفرد الامريكي نفسه مثقل بالديون ما يعني ان شهيته للاقتراض ما زالت متدنية.
الاهداف الخمسة السابقة و غيرها شجعت البنك الفيدرالي الامريكي على اتخاذ القرار الاخير بشراء سندات خزينة بقيمة 600 مليار دولار من البنوك الامريكية خلال العام القادم. من الشق الاخر، لا بد من التساؤل عما تنطوي عليه طباعة الدولارات من اثار سلبية و تداعيات قد يصعب احتواءها. اما التساؤل الاهم فيدور حول الطرق التي ستمكن البنك الفيدرالي من سحب السيولة النقدية المتفاقمة اذا ما بدات معدلات التضخم بتجاوز الحدود المقبولة. تساؤلات محورية ستبقى محط اجتهاد المحللين الاقتصاديين للسنوات القادمة.