بعد استطلاع الدراسات الاستراتيجية .. هل المجتمع الأردني ينبذ الديمقراطية؟ .. البطاينة وزيادين وقشوع وعربيات يردون
03-05-2023 10:56 PM
عمون - أحمد الزبون - لم تشكل نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية، هاجسًا كبيرًا لدى الأوساط الحزبية على غرار المتوقع، بحسب ما أفصحت عنه شخصيات حزبية بارزة لـ عمون.
أرقام الاستطلاع تقول، 4% فقط من الأردنيين سمعوا عن الأحزاب الجديدة التي تم تأسيسها / ترخيصها / تصويب أوضاعها في الأردن، في حين أنّ 1% من الأردنيين يفكرون بالانضمام إلى أيّ من الأحزاب السياسية القائمة حاليًا.
الأمر الذي فتح شهية البعض في الصالونات السياسية بالحديث أن المجتمع الأردني ينبذ الديمقراطية، وهو ما رفضته قيادات حزبية، بيد أن الأردن قد عاش تجارب حزبية في خمسينيات العقد الفائت، وما لاحقه من انتخابات برلمانية لعام 1989.
*على الحكومة انتزاع الثقة
ويقول الأمين العام لحزب إرادة نضال البطاينة، إنّ نتائج الاستطلاع تثبت عدم وجود أيّة حلول الا الحكومات الحزبية القائمة على البرامج، مشيرًا إلى أنّ نتائج غياب الخطط الخمسية والعشرية والإدارة العامة التي كان يفتخر بها في البلاد.
ويضيف البطاينة، "هذا نتاج طبيعي، حيث أنّ الثقة مفقودة ولن يعيدها سوى الشباب الذي يؤمن بمشروع وملتصق به لتحقيق الرؤية الملكية واحتياجات المواطن في الوصول إلى مملكة أردنية هاشمية ديمقراطية تعددية معتمدة على الذات، وقوية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ومؤسسيًا".
ويلفت النظر إلى أنّ الأردنيين لا ينبذون الديمقراطية بتلك النتائج لكن الأمر يتطلب من الحكومة انتزاع الثقة من المواطن عبر اقتران الأقوال بالأفعال وتعزيز اشراك الشباب في مختلف مناحي الحياة، بيد أنّ الثقة لن تأتي بسهولة.
وينوه إلى أنّ الاقبال على الأحزاب يتحسن بصورة تدريجية، حيث أنّ الوضع الآن أفضل من الوضع خلال العام الماضي، مستندًا على الجولات الميدانية في محافظات المملكة.
*الأردنيون بحاجة للوقت
بينما ذهب القيادي في الحزب المدني الديمقراطي الأردني قيس زيادين إلى أنّ الأردن عاد إلى الحياة الحزبية، عقب فترة انقطاع استمرت لفترة طويلة الآجل تفوق 40 عامًا، ما يبدد التوقع بحصول انفراجة فيما يتعلق بالانتساب للأحزاب بين ليلة وضحاها.
ويوضح زيادين، أنّ المسألة تأخذ حيزًا من الوقت ليس بالقليل ويأتي بصورة تدريجية مع التأكيد أن ذاك ليس بالمعيب، لافتًا إلى أن الأحزاب في دول العالم بأكملها، تبلغ نسبة انتساب الشعوب لها 1 بالمئة فقط، في حين تكون البقية على شكل مؤيدين، فعلى سبيل المثال، حزب المحافظين في بريطانيا يحصد في الانتخابات 16 مليون صوت بالرغم من أنّ عدد منتسبيه لا يتجاوز 150 ألف شخص، ما يؤكد أن العبارة ليست بعدد المنتسبين للحزب بل في البرامج الحزبية وثقة المواطنين بالأحزاب في المستقبل لتأدية تطلعاتهم.
والأمر الخطير يكمن، بحسب زيادين، بأن المواطنين يرون التجربة الحزبية فقط في عقول بعض النخب القديمة في انتخابات برلمانية واحدة فقط، ليصف لهم الأمر بأننا نخلق أحزابًا لانتخابات قادمة فقط.
ويشدد على أنّ الحزب الذي يشكل عليه امتلاك مقومات الديمومة والاستمرارية، عدا عن ذلك سيتم إحباط المواطنين "أكثر فأكثر"، مشخصًا وصفة العلاج بوضع مشاريع حزبية حقيقة تجمع المواطنين ليس على ملف البرامج فحسب؛ بل من خلال الفكر والعقيدة المشتركة بين منتسبي الأحزاب.
ورفض زيادين عبارة أنّ الأردنيين ينبذون الديمقراطية، إذ جلالة الملك عبد الله الثاني قال بوضوح، "نريد أنّ نصل إلى أردن حديث"، مؤكدًا ضرورة الوصول إلى أردن مدني حديث ونحترم سيادة القانون والمواطنة والعدالة الاجتماعية بالتشارك مع المواطنين من خلال الأحزاب.
وينوه إلى أن المواطنين بحاجة للوقت لتجاوز الماضي فيما يتعلق بالأحزاب، فضلا عن حاجتهم لرؤية أمثلة حزبية حقيقية، "فاليوم الناس ترى نفس النخبة السياسية تعيد إنتاج نفسها من خلال الأحزاب. فالشاب يتنسب للأحزاب الحقيقية لكن إذا شاهد نفس الأحزاب بنفس النخبة والوجوه التي اوصلتنا إلى ما هو عليه اليوم. حتمًا سيبعد عن العمل الحزبي".
وعبّر عن تفاؤله في المستقبل الحزبي، وخاصة أن جلالة الملك قال إن لا عودة عن الإصلاح، ما يتطلب علينا الاستمرار في الطريق الذي يرغبه جلالته؛ كون الأحرار "والناس الي تفهم بالأحزاب" إذا وقفت على أطراف المشهد، بالتأكيد الهواة سيملؤون المشهد.
*نعيش حالة من الديمقراطية دون تسميتها
في حين، اتجه أمين عام حزب الرسالة الدكتور حازم قشوع إلى أنّ تجربة الحياة الحزبية بطريقة جدية لم تظهر بعد في البلاد، إذ النتائج قد تقاس إبان الانتخابات البرلمانية المقبلة وما بعده.
ويوضح قشوع، أنّ الأحزاب لا تقاس بأعداد المنخرطين بل بالمؤثرين، "فعلى سبيل المثال؛ ربما مرشح لديه قاعدة انتخابية تصل إلى 50 ألف صوت، فلا نستطيع أن تتحدث عن الكم بمفهوم حجم تأثير، فربما يكون هنالك أحد الأحزاب يوجد فيه عدد منخرطين يصل إلى 2000 عضو لكن حجم تأثيره لا يتجاوز عدد الناخبين عن 10 آلاف شخص".
ويبين، أنّ العوامل المؤثرة في تشكيل القاعدة الحزبية تعود إلى قائد الحزب واسمه وبرامجه، مشيرًا إلى أنّ شخصية رئيس الحزب ستظهر بالانتخابات المقبلة، وبالتالي تشكل عناوين جديدة ومفردات جديدة في المشهد السياسي القادم.
واستذكر قشوع، بداية إطلاق حركة الأحزاب، في بدايات التسعينات القرن الفائت، والأسماء الحزبية اللامعة مثل؛ عبد الرؤوف الروابدة وعبد الهادي المجالي، لذلك يتم الحديث بالوقت الراهن عن مئوية جديدة، بالاستناد إلى رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني الرامية إلى تقديم وجبة سياسية جديدة وقيادات جديدة من خلال الرافعة الحزبية.
ويقول، إنّ الانتخابات السابقة بعناوينها كافة كان يقودها أحزاب تاريخية أو ما تسمى أحزاب فوق قطرية مثل حزب البعث وحزب أخوان المسلمين والشيوعيين، لكن الأحزاب الحالية أجمل ما فيها بانها كلها ولدت من الحاضنة الأردنية وانطلقت منها، ما أدى إلى سعيها لخدمة الدائرة الوطنية الأردنية والقضايا العربية والإسلامية.
ويضيف قشوع، في حديثه لـ عمون، أنّ جيل الشباب بات يصل لسن الـ30 دون الحصول على وظيفة، وبالتالي كيف ترغب من شخص لا يجد قوت يومه وتريد منه الانخراط بالعمل الحزبي؟، "اعتقد أنه يتوجب على الحزب إجابة السؤال عبر تقديم وظائف للشباب، فأول وجبة يفكر فيها الحزب كيفية خلق وظائف للشباب عبر برامج حزبية اقتصادية".
ويشير إلى الحاجة من خطاب حزبي قريب من الشباب ونبضهم وصورتهم، بالإضافة إلى ثقافة التعامل مع العولمة التي اسقطتها حالة العالم الافتراضي ضمن سياقات الفيسبوك وتويتر والانستغرام، "الأسرة كانت تتعامل مع ابنها بمحتوى ثقافي تواصلي واحد، الآن لدينا محتوى جديد يؤثر على ثقافة الشاب وطريقة التعاطي معه".
وينوه إلى أنّ الأردنيين على الدوام يلتزمون بالديمقراطية، وخاصة أنّ المملكة دولة فريدة من نوعها في الشرق الأوسط، بيد أن أيّ مواطن بإمكانه انتقاد الحكومة ومجلس النواب دون مساءلة، "علامات النقد، مهما كانت قاسية، تؤكد أنّ المجتمع الأردني يعيش حالة من الديمقراطية والتعددية ولو كان لا يريد أنّ يسميها.. نريد الانتقال من الرافعة التقليدية إلى الحزبية".
اما نائب أمين عام حزب العدالة والإصلاح، نظير عربيات، فقد قال إنّ ظاهرة العزوف الحزبي عند العديد من الفئات المجتمعية لها علاقة وثيقة الصلة بجوهر الثقافة الديمقراطية، ولا بد من التركيز على دور الثقافة الحزبية كقوة بنائية فاعلة، خصوصا وأنّ الشعب الأردني بطبيعته لا يعارض العمل الديمقراطي، وخاصة ونحن نعيش في ظل نظام ديمقراطي يحظى بشرعية دستورية ودعم ملكي متواصل.
ويعتقد عربيات، في حديثه لـ عمون، أنّ غياب تخليق الثقافة الحزبية المجتمعية من قبل الأحزاب القائمة بالحقبة الزمنية المنصرمة وعجزها عن تقديم رؤى وبرامج مقنعة تنسجم مع الإرادة الشعبية وترتقي لمستوى الرضا الملكي، إضافة للنقص في المهارات الأساسية المتصلة بالشارع، الأمر الذي يعني ضرورة إعادة النظر بصورة كاملة بسياسات الأحزاب تجاه تطوير الثقافة الحزبية في الأوساط الشعبية لترسيخ فكرة العمل الديمقراطي الجماعي عبر البوابة الحزبية وتسخير الطاقات عبر شبكة العمل الحزبي المنظم القائم على تداول الأفكار الديمقراطية في الميادين الشعبية كافة، واحداث تفاعل يفضي لزيادة اقبال الشباب نحو الانخراط في العمل الحزبي عبر خلق توليفة ابتكارية تنال اعجاب الشباب عموما وتشكل نقطة محورية في ظل المجال القانوني السائد واستراتيجية الدولة الأردنية القائمة على التحديث والتطوير الديمقراطي المستمر وتقديم كافة أشكال الدعم اللوجستي لتوسيع قاعدة المشاركة في صناعة القرار السياسي والتحول التدريجي نحو المشاركة الفاعلة للوصول إلى برلمانات حزبية برامجية تضع البرامج موضع التطبيق تحقيقا للمصلحة الوطنية وتحقيقا للرؤى الملكية الإصلاحية التي يتبناها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين.
*نتائج الاستطلاع
ويرى 86% من الأردنيين أنّ ممارسة الأحزاب السياسية للعمل السياسي لم تكن ناجحة، مقابل 14% فقط يرونها كذلك.
وكشف استطلاع الرأي الذي اعده وأصدر نتائجه مركز الدراسات الاستراتيجية، أنّ 4% فقط من الأردنيين سمعوا عن الأحزاب الجديدة التي تم تأسيسها / ترخيصها / تصويب أوضاعها في الأردن، في حين أنّ 2% فقط أفادوا بأنهم يتابعون نشاطات/فعاليات الأحزاب السياسية الأردنية.
وعلى صعيد التفكير بالانضمام للأحزاب السياسية، فإنّ 1% من الأردنيين يفكرون بالانضمام الى أي من الأحزاب السياسية القائمة حالياً، وأقل من 1% فقط يعرفون أسماء الأمناء العامين/قادة الأحزاب الجدد.
وبين الاستطلاع أنّ 3% من الشباب الأردني (18-34) سنة يتابعون نشاطات وفعاليات الأحزاب السياسية الأردنية، و2% من الشباب الأردني (18-34) سنة يفكرون في الانضمام الى احد الأحزاب السياسية القائمة حالياً وذلك قبل اجراء الانتخابات النيابية، في حين أنّ 7% فقط من الشباب الأردني (18-34 سنة) يتوقعون نجاح الحزبية في الأردن.
وإنّ 21% فقط من الشباب الأردني (18-34 سنة) يؤيدون مشاركة طلبة الجامعات في الأحزاب السياسية، في حين أنّ 18% فقط من الشباب يؤيدون ان تقوم الأحزاب بنشاطات حزبية داخل الجامعات الأردنية.