اضراب السجناء عن الطعام بهدف لفت أنظار العالم خارج السجن إلى قضيتهم وتعسف السجان والمحتل في معاملتهم موقف سياسي قانوني إنساني ويعتبر وسيلة من وسائل المقاومة المشروعة للظلم والاحتلال، ولكن إذا أدى الإضراب عن الطعام إلى إعاقة او تلف في جزء من الجسم فقد أصبح خدمة للظالم المحتل وايذاء طوعيا للنفس التي امر الله سبحانه وتعالى بحفظها والعناية بها، واذا أدى الاصرار على الإضراب عن الطعام إلى الموت فقد أصبح في حكم الانتحار المحرم شرعا وبه أراح السجين سجانه من كلفة طعامه وشرابه وحراسته.. الخ.

وفي كتاب الله سبحانه وتعالى قوله ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة/195، وقوله تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) النساء/29 .
ومن بالغ عناية الإسلام بالنفس البشرية رفع التحريم عن أكل الميتة اذا كان ذلك يحول دون الهلاك.

وفي الفقه الحنفي ( مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْمُبَاحِ حَتَّى مَاتَ كَانَ قَاتِلا نَفْسَهُ مُتْلِفًا لَهَا عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ... لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الْمُبَاحِ مِنْ الطَّعَامِ مَعَهُ حَتَّى مَاتَ كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى) .

وفي الفقه الحديث الذي يجمع عليه العلماء ( حُكم من توفي وهو مضرب عن الطعام ، أَنَّه قاتل نفسه وفاعل ما نهى عنه الله تعالى ، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) ، ومن المعلوم أن من امتنع عن الطعام والشراب لابدَّ أن يموت ، وعلى هذا فيكون قاتلاً لنفسه ، ولا يحلُّ لإنسان أن يُضرِبَ عن الطعام والشراب لمدة يموت فيها ، أما إذا أضرب عن ذلك لمدة لا يموت فيها ، وكان هذا السبب الوحيد لخلاص نفسه من الظلم ، أو لاسترداد حقه فإنَّه لا بأس به ، إذا كان في بلد يكون فيه هذا العملُ للتخلص من الظلم ، أو لحصول حقِّه ، فإنَّه لا بأس به ، أما أن يَصِلَ إلى حدِّ الموت : فهذا لا يجوز بكل حال " من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين".

إأن مقاومة المحتل داخل السجن جهاد وله وسائل عديدة منها أحداث الشغب داخل سجون الاحتلال ومنها مقاطعة الحديث معه ورفع الصوت بالهتاف الوطني داخل قاعة المحكمة ومنها أيضا ما أمر به سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) البقرة/153، وليس منها قتل النفس الذي يحسبه البعض مقاومة مهما كان أثره الاعلامي خارج السجن.