تعديل (المالكين والمستأجرين) .. إصلاح جذري أم موضعي?
سلامه الدرعاوي
22-12-2010 03:24 AM
مقترح الحكومة المتعلق بتعديل المادة الخامسة من قانون المالكين والمستأجرين والخاصة بتمديد عقود الايجار المنتهية العام الحالي الى عام آخر هو اجراء تخديري فقط لا يحل الازمة من جذورها, فالعلاج يأتي باصلاح شامل للقانون الذي طالما كان نقطة خلاف في المجتمع ويميل لصالح اطراف ضد اخرى.
تخوفات التجار والمواطنين من التداعيات السلبية لقانون المالكين والمستأجرين الذي يبدأ تطبيقه عام 2011 منطقية, وبدهيا ستحدث ازمة اقتصادية وأمنية واجتماعية اذا لم يتم تعديل هذا القانون الذي أثار وقت اقراره شبهة دستورية واتهام بعض الجهات والقوى المتنفذة بأنها مررت ذلك القانون على الحكومة ومجلس النواب معا سنة 2000.
إن السير في تطبيق ذلك القانون سيسبب ظهور مشكلة اجتماعية تشمل جميع شرائح المجتمع الاردني, ونقطة الخلاف فيه هي المادة الخامسة منه التي يبدأ سريانها في نهاية عام ,2010 حيث تقوم على قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين", إذ ان الفقرة الاولى منها تنهي عقود الايجارات التي أبرمت قبل نفاذه بتاريخ 31/12/2010، ما لم يتم اتفاق آخر بين المالك والمستأجر, وهنا يباح للمؤجر رفع قيمة الايجار بما يراه مناسبا من دون تحديد سقف اعلى او نسبة للزيادة, اما العقود التي أبرمت بعد نفاذ هذا القانون فتحكم بشروط العقد المتفق عليه سواء أكان العقار مخصصا للسكن أم لغيره, وينقضي العقد بانتهاء المدة المتفق عليها.
في »المالكين والمستأجرين« لا يوجد ما يمكّن المستأجر من استمراره في إشغال المأجور رغم استعداده لدفع بدل المثل للمالك وتوقيع عقد جديد حسب القانون, بل ان القانون ينص على ان يخلي المستأجر المأجور في نهاية 2010 اذا رفض المالك أي تفاهم وأصر على الإخلاء.
هذا القانون جاء ليحل مكان القانون القديم الذي كان يضفي صفة الحماية على المستأجر من حيث قيمة الأجرة المدفوعة سواء أكانت بحسب الاتفاق الذي كان يتم بين المالك والمستأجر أم من خلال التعديلات التي تفرضها الحكومة بحسب القانون زيادة أو نقصانا.
لا شك ان الجميع يقر بمبدأ العدالة في أن تطبق قاعدة "العقد شريعة المُتعاقدين" في كافة العقود التي نشأت وستنشأ بعد بداية تطبيق القانون, لأن التجار والمواطنين أدركوا أهمية التفاوض على عقود قصيرة أو طويلة المدى وأصبحوا يدركون إيجابيات وسلبيات طول أو قصر المدة وبالتالي حسمت الخلافات المستقبلية لهذه العقود.
ولكن ما يشعر به المواطن من ظلم هو ان القانون الحالي لم يعالج حالات العقود القديمة الناشئة قبل سنة (2000), ولم توجد نصوصا قانونية تسمح بآلية للتقاضي بعد 31/12/2010 ولذلك ستنشأ خلافات عميقة بين المواطنين وقد تشتد حدتها وما يتبع هذه الحدة من تصرفات نتيجة شعور المستأجرين بأن لقمة عيشهم ووسائل اكتساب معيشتهم أصبحت مهددة نتيجة مطالبة المالك بتعديل الأجور (وهو حق للمالكين لا ينكره أحد عليهم) بل نتيجة للغلو بالمطالبة بأجور خيالية (تطفيشا) أو نتيجة لتعسف المالك باستعمال حقه بعد 31/12/2010 بالمطالبة بإخلاء المأجور خاصة في الأماكن التجارية والصناعية الحساسة طمعا في الحصول على خلو جديد في الوقت الذي يستعد فيه المستأجر القديم بأن يدفع أجرة المثل الجديدة السائدة في المكان والموقع والزمان في حينه على أن يبقى في مكانه الذي اشتهر فيه وعاش فيه أكثر من ثلثي عمره.
بعض القوى التي سخرت قوانين الدولة وامكاناتها لمصالحها الخاصة يرى انه يمكن التعامل مع الاردنيين على اساس انهم يعيشون في دبي بكل مظاهرها, ويتناسى ان التلاحم والتكافل الاجتماعي في الاردن يختلف عن باقي المجتمعات, وبالتالي لا بد من تعديل القانون الذي لا يدعم سوى تلك الفئة القليلة في المجتمع.
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)