هل نجحت زيارة مكارثي إلى الأردن؟
خالد قشوع
02-05-2023 07:27 PM
قبل عدة أيام زار رئيس مجلس النواب الأمريكي المملكة في زيارة تعد الأولى له خارج الولايات المتحدة بصفته الرسمية، وقد إلتقى مكارثي جلالة الملك عبد الله في واشنطن يناير الماضي، في إطار زيارة الملك الأخيرة للولايات المتحدة.
توقيت الزيارة
للوهلة الأولى تبدو الزيارة مستغربة في ظل المعركة الحامية التي يقودها مكارثي مستخدماً الكونغرس ضد البيت الأبيض، حول منع رفع سقف الدين في الولايات المتحدة. ولكن بالنظر إلى الجهة الأخرى من ضفة النهر نجد أن حاكم ولاية فلوريدا و المنافس الأبرز للرئيس السابق ترامب للحصول على تذكرة الحزب الجمهوري في انتخابات 2024 كان في إسرائيل يحتفل بذكرى استقلالها.
يشير التنسيق في زيارة أقطاب الحزب الجمهوري إلى الشرق الأوسط إلى أنهم يحاولون الإطباق على إدارة بايدن، فبعد أن اختلقوا مشكلة داخلية كبرى، فهم يسعون اليوم إلى تحقيق مكاسب سياسية خارجية حتى يظهروا كقادة موثوقين أمام الرأي العام الأمريكي.
غياب مؤسسات الحكم في الأردن عن الزيارة
إلتقى مكارثي جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي عهده الأمير الحسين، دون إعلان لقائه رئيس الوزراء أو وزير الخارجية أو حتى نظيره رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي.
و من المثير للإستغراب عدم لقاء أي من من المسؤولين الأردنيين لمكارثي و لو كان لقاءً بروتوكولياً، خاصة رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي خصوصا في ظل أزمة النائب العدوان التي باتت تشكل إحراجاً متزايداً كرئيس للبرلمان.
مكارثي في إسرائيل
بعد زيارة إلى الأردن تقدر مدتها بأقل من يوم واحد، اتجه مكارثي إلى إسرائيل للاحتفال بما يسمى بعيد الإستقلال هناك. وقد إلتقى بجميع القادة من رئيس الدولة و رئيس الوزراء و رئيس الكنيست.
بل إنهُ ذهب أبعد من ذلك حيث ألقى خطاباً داخل الكنيست، تجلت فيه قيم العنصرية و معاداة العرب، و الغزل الذي لم يسمع لهُ مثيل في الصهيونية و إسرائيل. و لم ينبس ببنت شفة عن حقوق الفلسطينيين أو قرارات الأمم المتحدة أو الالتزام بالشرعية الدولية.
لقد مثل خطاب مكارثي في الكنيست قمة الانحياز السياسي، و ما كان يجب عليه أن يتحدث بهذه النبرة المنحازة خاصة بعد لقائه جلالة الملك عبد الله.
للديمقراطيين در
أتفهم تماما سياسة الأردن في واشنطن و المتمحورة حول الحفاظ على علاقة متوازنة مع قطبي السياسة الأمريكية، فإن أوراق الضغط في يد الأردن على الولايات المتحدة ليست كثيرة. لكن لا يوجد ما يجبرنا على إستقبال مكارثي و لم يستقبلهُ بايدن نفسه بعد.
خصوصا إذا لم يقف في صفنا و يسمعنا ما نريد أن نسمعه، فإن شخص يبدأ حديثه بالتأكيد على يهودية القدس، و على وحدتها كعاصمة أبدية لإسرائيل. هو شخص لا يمكن العمل معه وفق إطار سياسي مجدي.
إن التركيز على من يمتلك مفاتيح البيت الأبيض، و إستغلال تهتك الوضع السياسي الإسرائيلي هما المفتاح في تحقيق أي اختراق حقيقي في واشنطن. وإلى ذلك الحين تبقى المناورات السياسية الحذرة أفضل جدوى من التسويات المجحفة.
يجب على مكارثي و كل من يحذو حذوه في واشنطن أن يعلموا جيدا أن عمان لن تقبل معاملتها كحليف من الدرجة الثانية. و أن ما تمثله عمان في كل المحافل الدولية والسياسية العالمية والإقليمية يتخذ من الشرعية الدولية قاعدة له. ولا استمرار أو استقرار للمصالح الامريكية في الشرق الأوسط دون شراكة حقيقية و موثوقة مع الأردن الذي ساهم في إخراج الثور الأمريكي عدة مرات من مستنقعات الشرق الأوسط بينما كان يتقلب الأخير بين بأسه العسكري و بؤسه السياسي.