إلى متى تصم الإدارة الأردنية آذانها عن تطبيق الإصلاح الإداري الحقيقي، وإلى متى تبقى عمليات الإصلاح الإداري تحمل في طياتها مسميات رنانة مثل الرشاقة والكفاءة والمرونة الحكومية، ولكنها في أرض الواقع تطبق عمليات نقل وتكديس وإعادة توزيع للقوى العاملة دون أدنى خطة أو نهج علمي يرتكز إلى الممارسات الفضلى في هذا المجال.

في تقرير القمة العالمية للحكومات 2023 والذي عقد تحت شعار "استشراف مستقبل الحكومات"، أكد أن التحول في الخدمات الإلكترونية سيراكم من البطالة المقنعة في الأجهزة الحكومية، وسيفقد معها أكثر من 50 % من العاملين وظائفهم، كما اكدت اهمية أن تترافق خطط التحول الإلكتروني مع خطط لإدارة التغيير والتحول تتضمن تعديلا للمهام الوظيفية وتأهيل الموظفين نحو وظائف جديدة تخدم عمليات المؤسسة وتساهم في تعزيز مستويات الإنتاجية

في الأردن قمنا بتطبيق التحول الإلكتروني دون أي دراسة حقيقة لتأثير التحول على الوظائف الحكومية، بل واصدرت الحكومات المتعاقبة تعليمات صارمة بضرورة تطبيق الخدمات الإلكترونية في مواعيد محددة، ولكنها لم تقم بدراسة أثر هذا التحول على العاملين ولم تعقد جلسات نقاشية أو حوارية مع المختصين في هذا المجال لتطوير تصور عن شكل الإدارة الحكومية في المستقبل، وبالتالي لا نملك اليوم ادنى تصور على سبيل المثال عن مستقبل الآلاف المحاسبين في الدوائر الحكومية، بعد أن توقفنا عن قبول الدفع النقدي وتحولنا نحو الدفع الإلكتروني.

اما اذا استعرضنا تجارب الدول القريبة والتي مرت بنفس التجربة، فسوف نجد انها قامت بربط خطط التحول الإلكتروني باستراتيجيات للتغيير واشتملت على تحليل للعب الوظيفي وإعادة تصميم للوظائف المتاثرة ومن ثم إعادة توزيع للعاملين ، هذة الخطوات أدت إلى تخفيف أثر التحول بل والاستفادة من طاقات العاملين في وظائف أخرى ساهمت وبشكل كبير بإنجاح التجربة.

إن المتبع لمنحى للإدارة الحكومية، يجد أنها تعاني أصلاً من ترهل وبطالة مقنعة، ولا يمكن أن يكون الحل للتعامل مع هذا التحدي يقتصر على إعادة توزيع الموظفين الذي فقدوا وظائفهم على أدارت أخرى ،فالحل يجب أن يأتي من قبل الحكومة وبشكل سريع من خلال تشكيل لجنة متخصصة تنظر في مهام المؤسسات وتطور خططا لاستيعاب العاملين في وظائف أخرى وتعمل بالشراكة مع معهد الإدارة العامة على تدريبهم وتأهيلهم للوظائف الجديدة، فالولاء الوظيفي مرتبط بأهمية الشخص وشعوره بالإنتاجية وإذا فقدنا ولاء العاملين وإيمانهم بأهميتهم، فسنفقد قيمه أكثر أهمية من التحول أو الخدمات الإلكترونية.

* مستشار تطوير الاداء المؤسسي