إنتاجية العاملين في القطاع العام
د. عوني إبراهيم الهلسا
02-05-2023 03:23 PM
في المئوية الأولى للدولة الأردنية كانت الإدارة الحكومية يُضرب بها المثل من حيث كفاءتها وفعاليتها وانتمائها للعمل العام، الأمر الذي دفع العديد من دول الخليج العربي الاستفادة من الموارد البشرية الأردنية سواء كان ذلك في القطاعات التعليمية والصحية والعسكرية. إلا أن الإدارة الحكومية بدأت بالتراجع منذ نهاية عقد الثمانينات بالرغم من المحاولات العديدة في تلك الفترة لحل مشكلة تدهور آداء العاملين,
أما في المئوية الثانية استشعرت السلطات العليا الخلل في العديد من القطاعات الحكومية وأطلق جلالة الملك عبد الله الثاني مشروع نهضوي للتحديث من ثلاث محاور: اقتصادي وسياسي والقطاع العام.
يتابع جلالته مراحل التقدم في المحاور الثلاث، وفي لقائه مع لجنة تحديث القطاع العام ركز جلالة الملك على معايير آداء العاملين وأن يشعر المواطنين نتائج ملموسة على أرض الواقع. وجاءت زيارة سمو ولي العهد إلى معهد الإدارة العامة لمتابعة البرامج التدريبية في تطوير مهارات العاملين في القطاع العام تأكيدًا على اهتمام أعلى المستويات في تحديث وتطوير الإدارة العامة.
محاور التحديث الثلاث يرأسها نائب رئيس الوزراء المعروف بنشاطه وديناميكيته أثناء عمله في مدينة العقبة كرئيس سابق لسلطة إقليم العقبة.
جميع هذه الجهود ومحاور تطوير القطاع العام منطقية، إلا أن هناك محور هام يتعلق بالموارد البشرية لم يأخذ الاهتمام من قبل لجنة تحديث القطاع العام ولا حتى من ديوان الخدمة المدنية ألا وهو معنويات العاملين في الإدارات الحكومية. حيث أن مختلف مستويات العاملين لا تتوقف عن الشكوى والتذمر وإظهار مشاعرهم السلبية وعدم رضاهم عن الواقع العملي لهم.
إن معنويات العاملين لها دور أساسي في رفع مستوى إنتاجية الموارد البشرية ولها تأثير مباشر في إنتماء العاملين لأعمالهم وللوطن، والعديد من الدراسات في الدول الأجنبية أظهرت هذه العلاقة.
لذلك تدني مستوى الإنتاجية للموظف العام له ارتباط مباشر بمستوى الروح المعنوية للعاملين، وفي حالة تجاهل هذا العامل فإن جميع محاولات التحديث لن تأتي بنتائج ملموسة.
باعتقادي إن من أهم أسباب تدني الروح المعنوية للموظف العام تكمن في الجوانب التالية:
1. الإدارة العليا: غالبًا ماتبدأ المشاكل الإدارية من الإدارات العليا وذلك لضعف بعضها في معرفة مفهومي الإدارة والقيادة.
فالقيادة تعني إلهام وتحفيز العاملين وبناء فرق عمل قادرة على تحقيق أهداف الوزارة /المؤسسة. وهذا ماتحتاج إليه الإدارة العليا في القطاع العام.
2. ضعف الرواتب والحوافز: بالرغم من وجود بعض نصوص نظام الخدمة المدنية على تحفيز العاملين في القطاع العام، إلا أنها للأسف ليس لها تأثير إيجابي على آداء العاملين وذلك من ناحية، ومن الناحية الأخرى لسوء في توزيعها على العاملين والذي لا تخلو من المحسوبية.
ومع ذلك هناك أسباب عديدة لامجال لذكرها هنا.
وما على ديوان الخدمة المدنية إلا أن يقوم بدراسة ميدانية لقياس مدى رضا العاملين ومستوى الروح المعنوية لديهم، وهناك العديد من الكفاءات في الإدارة العامة قادرة على إجراء مثل هذه الدراسات.
الخبر غير السار وهو تراجع مؤشر الموارد البشرية حسب المقياس العالمي.
الإصلاح يبدأ من إصلاح النفوس قبل تعديل النصوص.