تحديث التربية والتعليم العالي
د.مهند مبيضين
02-05-2023 12:19 AM
من المؤمل للورش الإصلاحية التحديثية الأردنية (السياسية والاقتصادية والإدارية) التي اعلنت عن شكل جديد لدخول المئوية الثانية، أن تقود إلى اصلاح التربية والتعليم العالي، فمن غير المعقول أن نبقى بذات السياق والطرائق والنهج، ومن غير المعقول ان يزداد حجم المقبولين في الجامعات كل عام، وان تتعدد صيغ التعليم المجاني بمقاعد محجوزة بنظام المكرمات او تمويل بقروض مؤجلة لحين العمل، كل ذلك يسهم بتضخيم البطالة وتعثر التنمية.
لا يمكن ان تظل المناهج ولا أشكال التلقي والتعليم في صورتها الحالية، ولا يمكن بقاء المعلم واستاذ الجامعة بذات الأساليب، أما مناهج الجامعات وخططها التدريسية فتلك اشكالية كبرى، كل ذلك يجب ان يعيد التفكير بالتربية والتعليم والجامعات، والتخصصات المطروحة للطلاب الجدد، كما يجب ان يجعلنا نتجه اكثر نحو العلوم والمهارات التي يحتاجها الخريج.
أغلبية الجامعات تزاحم في مسألة التصنيفات العالمية، تلك مسيرة ارتضتها الجامعات ودخلتها وهي تعرف منعطفاتها الحادة، وسهولة التراجع وصعوبة الصعود مرة أخرى.
السمعة العلمية للجامعات هي الأهم، ذلك معيار في التصنيفات وهو المهم؛ لأنه يكشف مهارات الخريجين وقدراتهم مع ما يعززه من حضور علمي بحثي للاساتذة وتفاعل في مجتمع المعرفة العالمي.
القيادة في الصف والمدرسة وقاعات المحاضرات وفي مواقع الجامعة الأكاديمية مهمة، لكي تُخلق الروح الجامعية، وقلة منّا يتحدثون في ابحاثهم ومشاكلها فيما بينهم، وتشكيل الجماعة العلمية هو الألوية القصوى، لكن البحث عن المواقع والتآمر لغة تسود ولا أقول عامة.
يجب اعادة اعتماد العلاقة والتشبيك بين القطاع العام والجامعات في مسألة بحوث التنمية وتحديات المجتمع، فالعقل الحكومي مضغوط، والعقل العلمي مرتاح لحالة النأي عن المسؤولية ونقطة اللامساس.
يجب التفكير بخارطة طريق واضحة لشكل الجامعات وعدد منتسبيها ودورها التنموي، واساهمها في حل مشكلات المجتمع، وهنا يمكن تطبيق نظام دعم حكومي مشروط كما هو للاحزاب، فكل جامعة تحدث تنمية محلية بمؤشرات اداء واضحة لهذه المشاريع وقابلية للاستدامة تنال الدعم الحكومي، كما أن طبيعة التعليم المدرسي، والانتقال للتعليم البحثي في المناهج الانسانية أكثر من مجرد الحفظ والتلقي من علّ بات مطلباً لتكوين شخصية طالب المستقبل.
ختاماً، التحديث العلمي والتربوي لا يقل أهمية عن التحديث السياسي والاقتصادي والمالي، ويجب ان يكون له حصة واضحة ودعم كافٍ لكي يحدث ويتحقق، ولعل ما تقوم به وزارة التربية والتعليم اليوم من اصلاح وتطوير، وما يحدث في بعض الجامعات وعلى راسها الأردنية من مراجعة للخط وطرح برامج جديدة وحملة ابتعاث وتعيين، وتطوير للبنية التحتية هو جزء من هذا التحديث المطلوب، ولا يعني هذا الجهد أن الجهود في المؤسسات الجامعية الأخرى معدوم بل هناك جهد يحدث وهناك خطط توضع لكنها تحتاج لدعم مالي، دعم مخصص للتحديث، وليس لدفع الرواتب والمكافآت.
فأي رئيس يقضي وقته متربصا للحصول على قرض لدفع الرواتب الافضل له مغادرة مكانه بشرف، أوعليه اختيار الريادة كباب لاثبات الحضور بأن يذهب لجلب الاستثمار لجامعته وتطوير بحوثها ومشاركة القطاع الخاص، ولا يجب ان يحشر دماغه بكيفية التوفير والبروزة في ذلك الانجاز العقيم الولادة، فالتوفير لغة المفلسين في الرؤى الذين لا يرون المستقبل.
(الدستور)