سيدة اردنية فاضلة زوجة شهيد بطل، الأكثر شبها بحنظلة الغسيل، روى بدمه الطهور ارض فلسطين المقدسة الطاهرة ،واشبعها مسكا من عطر الشهادة، اصرت ان يحمل نجلها اسم والده الشهيد إبراهيم.
الشهيد الاردني المغوار ابراهيم الدعجة ،ابو ابراهيم، كان حفل زفافه ليلة الرابع من حزيران عام 1967،وعندما اندلعت الحرب،التحق على الفور بوحدته القتالية في فلسطين ،بعد ان ودع عروسه التي لم يقضي معها الا ساعات معدودة واهله، وخاض المعارك بكل شجاعة واقدام، وقاتل حتى نال شرف الشهادة وهو عريس جديد ،ولم يفكر بغير الدفاع عن فلسطين والتصدي للأعداء المحتلين ،وفضل الاستشهاد على الصمت والركوع ،وشأنه شأن رفاقه من الشهداء ، قضى شامخا مرفوع الرأس وعالي الجبين .
بفضل الخالق وكرمه ،رزق سبحانه وتعالى زوجته الصابرة المكافحة ،التي تحملت وصبرت وانتصرت،وهي في مقتبل العمر،طفلا اسمته ابراهيم ليحمل اسم والده الشهيد ابراهيم الدعجة،ويملأ الدنيا سرورا ومجدا وفخرا وعزا وشهامة.
زوجة الشهيد ،رفضت الزواج مرة ثانية، والتزمت بيتها ،واحتضنت طفلهما في ذلك الوقت، ابراهيم ابراهيم، وكرست حياتها لتربيته وتعليمه وصناعة مستقبله الزاهر المشرق ،كيف لا وهو يحمل انبل الأسماء واعزها وأكثرها وقارا وفخارا ورفعة.
ام إبراهيم الشامخة العالية مثل شجرة نخيل باسقة ،رأسها يعانق السماء،ليقترب من روح عريسها الشهيد الذي ينتظر لقاءها في الجنة،جنة الشهداء في ركن الانبياء والصديقين والصالحين، الذين اختارهم الله كما اختار ويختار الشهداء من بين عباده الذين يحبهم ،هذه السيدة الفاضلة التي لم اعرفها ولم اراها ،ولكن سمعت عنها ،ولم استطع مقاومة شغفي ورغبتي في الكتابة عنها وعن عريسها ابراهيم،الذي نال شرف الزفة مرتين في يوم وليلة ،الزفة الاولى وهو عريس في الدنيا ،والثانية بعد ساعات من الأولى، وهو عريس شهيد في الآخرة، يا لها من كرامات ربانية ورضا من الله عز وجل.
ها هم الاردنيون الذين لا ينفك ارتباطهم بفلسطين مهما كانت الظروف والاسباب، ومهما بلغت الصعاب،لأن القناعة الراسخة،بأن الاردن وفلسطين عبارة عن الأريطين الايمن والايسر للقلب الذي يغذي الجسد الواحد.
الأردني الذي يجود بدمه وروحه من اجل فلسطين، ودفاعا عنها فرحا مسرورا،وهي ظاهرة اردنية عامة ،يفخر اهله وذووه بتضحياته ويتباهون ببسالته وشجاعته، رغم مرور عشرات السنين على استشهاده.
ولكم ان تتخيلوا، عندما يعشق اردني في السلط او اربد او الطفيلة او عجلون وجرش ومادبا ،وفي اي مكان في المملكة، قطعة ارض يملكها، ويريد ان يوصفها ويتغنى بجمال موقعها وتميزها ..يقول.. انها تطل على جبال فلسطين ،منها ترى أضواء القدس ليلا، وتستطيع ان تشاهد جبال نابلس ،واذا كان الجو صافيا تشاهد جنين وبيسان واريحا ...هكذا يتعلق الأردنيون بفلسطين، فلا يتركون سببا او مناسبة او ذكرى او وصلا وصلة ،الا جعلوها جسرا بين الأردن وفلسطين.